الفصل الأول: حياة المؤلف وعصره
  المركزية في صنعاء، وبدأ الانقسام، وظهر السلاطين في مناطق متفرقة، وفي عهد المنصور علي بن المهدي عبد الله(١) تضعضعت الدولة، وأدى ذلك إلى عودة الاحتلال العثماني لليمن(٢)، وعارضه الإمام الحسين بن علي المؤيدي الصعدي، والإمام عبد الله بن الحسن بن أحمد بن المهدي عباس وكان جامعًا لشروط الإمامة(٣)، ولما نصبوا السيَّد علي بن المهدي، ولم يكن جامعًا لشروط الإمامة، وبايعه أهل صنعاء عامَّةً ومن حضر من رؤساء القبائل، وتلقب أولًا بالمهدي ثم بالهادي - وعظمت المحن وهاجر من صنعاء مجموعةٌ من العلماء إلى صعدة، وبايعوا المؤلف إماماَ(٤)، والمؤلف كان في خضم هذه الأحداث السياسية؛ وكان واقفًا في صفِّ المعارضة للسلطة الحاكمة حتى صار في آخر أيامه إمامًا، وبايعه العلماء كما سيأتي.
  ولما دخلت الأتراك اليمن قوبل الاحتلال العثماني بالمقاومة والجهاد؛ لأن الهمَّ الأكبر للأتراك كان جباية الأموال، وفرض الضرائب والرسوم والغرامات، وفرض سيطرتهم بالقوة مع التعسف، حتى ضاق الناس بهم ذرعًا؛ فقد كان الأتراك حريصين على جمع ما فرضوه، مع عدم الاهتمام بما قد يحدث من المشاكل بين المناطق والأفراد(٥).
  ونظرًا لضعف الدولة المركزية في صنعاء انفصلت بعض المناطق الجنوبية تدريجيًا، واستمرت عدن(٦)، وإمارات الجنوب منفصلةً عن الدولة المركزية في صنعاء يحكمها أمراء وسلاطين حتى احتلِّت بريطانيا عدن في شهر يناير عام (١٢٥٥ هـ) وساندتهم الدولة العثمانية في احتلال عدن بناءً على فرمان صادر من الاستانة يسمح لهم باستخدام الأسطول البريطاني في ميناء عدن، كنوعٍ من
(١) ولد بصنعاء، ونشأ بحجر والده ولما كان سنة (١٢٥١ هـ) قام بأمر الخلافة وبايعه العلماء واستمر في الخلافة سنة وثلاثة أشهر، وعارضه عدد من الأئمة توفي سنة (١٢٨٠ هـ). ينظر: زبارة، نيل الوطر: (ص ١٤٢).
(٢) ينظر: زبارة، نيل الوطر: (٢/ ١٤٢).
(٣) ينظر: الواسعي، تاريخ اليمن: (ص ٢٣٣).
(٤) المصدر نفسه: (ص ٢٣٩).
(٥) ينظر: الحرازي، حوليات يمانية: (ص ٤٠٦).
(٦) مدينة معروفة مشهورة في شرقي باب المندب، إكتسبت أهميتها من موقعها الاستراتيجي القابض على الفتحة الجنوبية للبحر الأحمر، ومن مكانتها كأعرق ميناء بحري وتجاري منذُ القدم. ينظر: الحجري، مجموع بلدان اليمن وقبائلها: (٢/ ٥٨٤)، والمقحفي، معجم البلدان: (ص ١٠٢٥ - ١٠٢٦).