(بحث مفيد في تحقيق صحة الأحاديث في فضائل السور من القرآن)
  فنقول: هذا نشأ من منازعة النفس وملاحظتها لقوله، وقد وجب طرحه وكأن لم يكن، ونرجع إلى النظر في طريق توصلنا إلى صحة الحديث وقد وجد، فتأمَّل والله أعلم(١).
  الثالث: أن الحديث قد رواه الإمام المرشد بالله # في (أماليه الكبرى) الذي قال فيها الشيخ العلامة التقي الجامع لها محيي الدين القرشي | في آخر الحديث الحادي عشر من ذلك الكتاب ما لفظه: ولقد جمع - يعني الإمام - في هذه الأمالي محاسن أخبار رسول الله ÷ وعيونها، ورواها بأسانيدَ صحيحةٍ عند علماء هذا الشأن، وقيد المواضع المشتبهة بتقييدات لا تكاد توجد في موضع، وذكر الحكم عليها بالصحة في مقدمتها، ويكفي ذلك الكتاب شرفًا تلقي العترة له بالقبول، وأيضًا فهو من أعظم معتمداتهم ومرجوعاتهم، ومن بحث وأخذ عرف، ومن جهل شيئًا عاداه، فروى الإمام حديث أُبَيّ من طريقين صحيحين متَّصلين بأُبَيِّ بن كعب إجتماعهما في هارون بن كثير قال: حدَّثنا زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أُبَي بن كعب، وذكر المتن بطوله مرتين سورةً سورةً وفضيلةً فضيلة، ونرويه إلى الإمام بأسانيدَ مختلفةٍ متَّصلةٍ منها ما قد ذكرناه أولًا، فكيف يُكذَّب إمام من أئمة المسلمين؛ بل أئمة رجاله بتصديق كذاب قال: كذبت على رسول الله ÷؟!.
  الرابع: أن جميع ما ذكرناه من الأذكار القرآنية هنا مختلفة الطرق بما ذكرنا ولم يرجع منها إلى أُبَي بشيءٍ؛ بل تجنبنا طريقه لتكون تلك جميعها شاهدةً بصحِّة حديث أُبَي، فإن المروج لقول رجل من عبدان - ما تستبعده الأذهان من جزيل تلك الفضائل - أو توهم الاتكال عليه وليس شيءٍ من ذلك كما تقدم، ونقطع أن في بعض هذه الروايات ما هو أعظم أجرًا ممَّا تضمنه مثل حديث أُبي، فإن كان المرجع الصحَّةُ فهذه طرقها تبحث الإيمان والقبول وإن كان المرجع قبُول الأذهان وشيوعها فيكذب؟؛ هذه كما كذب حديث أُبَي، ولم يبق للقرآن فضيلة، والفرق تحكم وإلا وجب القبول سيَّما وطرقه موجودة، ونكل الأمور على ذي الفضل الواسع والإحسان النافع؛ كيف وقد قال ÷ للمستبعد لبعض الفضائل كما ذكرنا أولًا: «خير الله أكثر وأطيب»، فنفى ما قر في ذهنه، وقال في وصف الجنَّة: «فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعْتْ، وَلَا
(١) في (ب) ونرجع إلى طريق توصلنا إلى صحة الحديث وقد وجدنا فتأمل والله أعلم.