المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[الخلق السادس عشر:] تقديم الأهم فالأهم

صفحة 128 - الجزء 1

  قال: (أما بعد، فإن المرء يسرُّه إدراك ما لم يكن ليفوته، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه، فلا تكن بما نلت من دنياك فرحا، ولا بما فات منها ترحا، ولا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الأمل، فكأن قد، والسلام)⁣(⁣١).

  وقد أجمع العلماء على اختيار الزهد فيها، ووصفها الله تعالى بأنها {لَعِبٌ وَلَهْوٌ}؛ فمن عرفها حق معرفتها بغضها وسخطها، ولم يعتلق قلبه بها ولا بحبها، ومن لم يحبها أحب الآخرة، وسعى لها سعيها.

  ومما رواه الإمام الكينعي - قدس الله روحه - عن الفضيل بن عياض - نفع الله ببركته وأردتُ بإيراد كلامه هنا التبرك برقم هذا الأثر؛ لفضله، وفضل قائله، وفضل راويه، ولمناسبته كثيرا مما تقدم، وللمأثور عن أئمة الفضل حُسْنُ أثره في القلب - قال: قراءة آية من كتاب الله، والعمل بها، أحبُّ إليَّ من ختم القرآن ألف مرة، وإدخال السرور على المؤمن وقضاء حاجته أحب إليَّ من عبادة العمر كله، وترك الدنيا ورفضُها أحب إليَّ من تعبد أهل السموات والأرض، وترك دانق⁣(⁣٢) من حرام أحب إليَّ من مائة حجة من حلال.


(١) الأمالي الخميسية للإمام الموفق بالله @ [٢/ ٣٢٥].

(٢) الدانق بفتح النون وكسرها: جزء من أجزاء الدرهم، والدرهم: عملة مضروبة من الفضة، ذكر في البحر الزخار: أنه: عشرة دوانيق ونصف.