المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[الخلق الثامن عشر] التوبة

صفحة 134 - الجزء 1

  ولا شك أن الخوف للتوبة بمنزلة الأساس للبنيان.

  ومن أبلغ دواعيها وأقوى أسبابها: الاستكثار من ذكر الموت، والاستشعار لأسباب الفوت، وللأحوال التي تكون قبل الموت وبعده من البِلى في القبر، وأحوال النشور والبعث، وأحوال الجنة والنار.

  ومَن أحسَّ من قلبه القساوةَ، وقلَّةَ التَّنَبُهِ، فليتصور أحواله عند الغرغرة والنزاع، ومفارقة الروح للجسد، ويتصور حالته تلك عند أهله، وحالهم عنده، وأيتامه وبكائهم عليه وندبهم له، وغير ذلك مما هو معلوم بضرورة العادة، عنه ÷: «من أكثرَ ذكرَ الموت سلا عن الشهوات، ومن سلا عن الشهوات هانت عليه المصيبات، ومن هانت عليه المصيبات سارع إلى الخيرات».

  ومن أسباب التوبة، ودواعيها: قراءة القرآن بصوت شجي، واستماع من يقرؤه مرتلاً، متوقفاً على آيات الوعد والوعيد، متدبرا لها. عنه ÷ أنه سئل عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}⁣[المزمل ٤]، فقال: «بيِّنهُ تبيينا: قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همَّ أحدكم آخر السورة»⁣(⁣١).

  قال القاسم #: هَيِّجُوا قلوبكم بأصوات الأحزان والبكاء، إما بأنفسكم، وإما بغيركم من القُرَّاء.


(١) البيهقي في شعب الإيمان [٢/ ٣١٨] رقم (٤١١٧).