القسم الثاني: في الوظائف
  ذلك، فعرض له عارض من مرض، أو أي عارض، فإنه يأتي به في الليل، وعلى هذا فقس.
  ولا ينبغي أن يوظف لنفسه مما ذكر إلا ما يغلب في ظنه أنه يحسن المداومة عليه ويمكنه - وإن قلَّ - من قراءة القرآن، والصلاة بالليل والنهار، وأدعية الصباح والمساء، والنوم واليقظة، والأذكار المأثورة المباركة، والصيام في أيام معلومة كأيام البيض، والاعتكاف في رمضان أو غيره، ومدارسة العلم، وغير ذلك.
  فمن اعتاد شيئا ولازمه سهل عليه وداوم على فعله، ومن بنى على أنه يفعل الممكن وإن كَثَّرَ في وقتٍ وقَلَّلَ في آخرَ فهو إلى الترك والتبطيل قريب.
  قال ÷: «خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يملّ حتى تملّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قلَّ»(١) رواه البخاري، ومسلم.
(١) البخاري [٧/ ١٥٥] رقم (٥٨٦١)، ومسلم [١/ ٥٤٠] رقم [٢١٥ - (٧٨٢)].
قلت: الملل مما لا يجوز على الباري تعالى؛ لأنه من صفات المخلوق، قال الإمام عز الدين # في جواب سؤال عن معنى هذا الخبر: (أقول: قال ابن الأثير في نهايته ما معناه: إن الله لا يمل أبداً، مللتم أم لم تملوا. فجرى مجرى قولهم: حتى يشيب الْغُرَابُ ويَبْيَضَّ القار)، وقيل معناه: إن الله لا يطرحكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إليه، فسمى الفعلين مللا وكلاهما ليس بملل، كعادة العرب في وضع الفعل مكان الفعل إذا وافق معناه، وقيل معناه: إن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله، فسمّى فعله تعالى مللاً على طريق الازدواج في الكلام، كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى ٤٠]. انتهى. =