المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[النوع الرابع:] المباهاة

صفحة 54 - الجزء 1

  أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}⁣[الحجرات ١٣]، وقال ÷: «ليَنْتَهِيَنَّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحم جهنم، أو ليَكُونُنَّ أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية، وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقيّ، الناس بنو آدم، وآدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ خلق من تراب»⁣(⁣١). رواه أبو داوود، والترمذي. والعَبْيَةُ: الكبر، والفخر، والنخوة.

  قيل: وأما من شَرُفَ بالدين فلا بأس بالافتخار به؛ إذ فيه رفع لمنار الدين، ومنه: قوله ÷: «أنا ابن الذبيحين»⁣(⁣٢).

  أما الافتخار بكثرة الرجال عدداً فمكاثرة قطعاً.

  ومن المكاثرة: رفع البنيان، والزخرفة فوق القدر المحتاج إليه؛ قصداً للتطاول على من لم يتمكن من مثل ذلك، فلو قصد مجرد التلذذ، أو التزين والتجمل بذلك - قيل: فلا بأس فيه؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ..} الآية [الأعراف ٣٢]، ولقوله تعالى: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}⁣[النحل ٨]، و [قوله تعالى]: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ}⁣[النحل ٦]، ونحوه.


(١) أبو داوود [٤/ ٣٣١] برقم (٥١١٦)، الترمذي [٦/ ٢٢٨] برقم (٣٩٥٥).

(٢) المصابيح في السيرة لأبي العباس الحسني # [١٩١]. والسيوطي في معترك الأقران في إعجاز القرآن [٣/ ٨٤] والحاكم في المستدرك [٢/ ٦٠٤] برقم (٤٠٣٦).