المختار من كنز الرشاد وزاد المعاد،

عز الدين بن الحسن بن علي (المتوفى: 900 هـ)

[النوع الرابع عشر:] حب المدح، وكراهة الذم

صفحة 83 - الجزء 1

[ضابط في حسن محبة الجاه وقبحها]

  تنبيه: اعلم أن الجاه في الحقيقة وسيلةٌ إلى الأغراض، ووُصْلَةٌ⁣(⁣١) إليها، وما كان وسيلةً فحُسْنُه وقبحه بحسب المتوصَّلِ إليه؛ فإن كان المقصود من الجاه التوصل إلى أمر ديني كأمرٍ بمعروفٍ، أو نهيٍ عن منكرٍ، أو ما لا بد في المعاش منه، لم يَقْبُحْ محبته.

  وإن كان الغرض غير ذلك، فيقبح التُّعرضُ له، والسعي إليه كما تقدم.

[النوع الرابع عشر:] حب المدح، وكراهة الذم

  هما نوعان من جنس محبة الدنيا، خُصَّا بالذكر لنحو ما تقدم⁣(⁣١).

  واعلم أن هلاك أكثر الناس لخوف مذمة الناس، ورجاء امتداحهم، بأن جعلوا حركاتهم وسكناتهم على حسب ما يوافق رضا الناس، ويستجلب ثناءهم؛ طلبا للمدح، وهربا من الذم، وذلك من المهلكات، فنعوذ بالله من سلب توفيقه.


(١) الوُصْلَةُ: الاتصال، وما اتصل بالشيء، وكل شيء اتصل بشيء فما بينهما وُصْلَة. [لسان].

(٢) أي: للحاجة الماسة إلى التحرز منهما.