[الفصل الأول] [في الخلائق المهلكة التي يجب تجنبها]
  مغتاب لك مُهْدٍ حسناته إليك، وكل مادح لك قاطع لظهرك، فما شأنك تفرح بقطع الظهر، وتغتم بهدايا الحسنات المقربة إلى الله، وأنت تزعم أنك تحب القرب منه.
  الثالثة: أن ذلك الذامّ المسكين قد جنى على دينه حتى سقطت منزلته عند الله، وهلك بافترائه، وتعرض للعقاب، فلا تجمع عليه إلى غضب الله غضبك، فتشتد شماتة الشيطان، بل قل: اللهم أصلحه، اللهم تب عليه، اللهم ارحمه، كما قال ÷ - وقد ضربه قومه -: «اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون»(١)، وكما دعا إبراهيم بن أدهم لمن شجه بالمغفرة، وقال: أعلم أني مأجور بسببه، فلا أرضى أن يكون هو معاقبا بسببي. هكذا ذكره علماء الطريقة.
  قلت: الترقي إلى هذه الدرجة من خواص أفراد الأولياء، وقلَّ من ينتهي به حظه إلى هذا المقام؛ لكن على العبد استفراغ الوسع في
(١) البخاري [٤/ ١٧٥] برقم (٣٤٧٧)، وتذكر بعض روايات أهل الحديث أن النبيء ÷ ليس القائل؛ بل حكاه عن نبيء آخر (أو عبدا من عباد الله في رواية) آذاه قومه؛ كما عند أحمد في مسنده [٧/ ٣٥١] رقم (٤٣٣١)، وكما عند البخاري نفسه في: الأدب المفرد [١/ ٢٦٦] رقم (٧٥٧)! وروايات أخرى تجعل القائل هو رسول الله ÷؛ كما عند ابن حبان [٣/ ٢٥٤] رقم (٩٧٣)، وعند الطبراني قي الكبير [٦/ ١٢٠] رقم (٥٦٩٤) وغيرهما، ويذكرون أن ذلك كان في أُحُد عندما شُجَّ وكُسِرَت رباعيته ÷.