باب متولي الأوقاف وما يجوز له وما لا يجوز
  يجوز فيها؛ إذ العدالة لا تشترط عندنا إلا في أربعة مواضع: في الإمامة العامة، وإمامة الصلاة، والقضاء، والشهادة، وأما(١) سائر العقود فيعتبر فيها ظاهر الإسلام كالنكاح والتولية، وقد ولى رسول الله ÷ عمرو بن العاص وأبا سفيان بن حربٍ وهما متهمان بقلة الصلاح، وولى الوليد بن عقبة ونطق القرآن بفسقه، وقد قال تعالى في أهل الكتاب: {وَمِنْهُم مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٧٥] فلم يحرم ائتمانهم على المال وإنما يمنع من ذلك من لا خبرة له بالعلم ولا يرجع إلى أهله.
  والمتولي إذا خلط ماله بمال المسجد متحرياً للصلاح ولم يتمكن من حفظه إلا بذلك فتلف فلا إثم عليه ولا ضمان فإن بقي شيء قسمه على الحصص وله أن يبيعه إن خاف عليه أو لمصلحة يراها وكذلك المودع.
  ومن أوصى بمال كثير للإطعام في المسجد فلمتولي المسجد أن يتحرى المصلحة، فإن رأى أن يشتري به قطعة أرضٍ لتكون غلتها مصروفه في هذا الوجه فعل ذلك وهو لا ينافي غرض الموصي، وتجوز عمارة حوض المسجد لأنه من مصالحه، ويجوز الانتفاع (بما به)(٢) إن لم يضر بالقاصد إلى المسجد من أهل الدين لأن للمسجد به اختصاصاً فينتفع به للوضوء والشرب لا غير إذا كان فيه ضررٌ(٣) فإن لم يكن جاز.
  وإذا أنفق متولي الأوقاف منها ولم يعلم ما منها كفارة وما هو زكاة وما هو مطلق ثم علم بعد أن أطعمها العلوية وهو نائب الإمام، إن الغرامة على من أكلها؛ لأنه المستهلك، فإن أمكن تمييزها ولم تُميز(٤) كان متعدياً ولزمته الغرامة؛ لأن الزكاة
(١) في (ب): فأما.
(٢) في (ب): بمآئه.
(٣) في (ب): الماجل.
(٤) زيادة في (ب).