المهذب في فتاوي الإمام المنصور بالله،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

باب الولاة ومن تجوز توليته ومن لا تجوز وما لهم فعله وما ليس لهم فعله

صفحة 458 - الجزء 1

  ولايته لانتقاض الأصل الذي بني عليه، وقد ولى رسول الله صلى الله عليه قوماً فخانوا، فتبرأ من فعلهم، ثم أظهروا التوبة فولاهم ثانياً، وكذلك علي # والصحابة بعده.

  وإذا دخل الوالي للولاية فلتكن نيته صادقة وليتحر فيما يأتيه نفع المسلمين، ولا يهتم بالحطام وكسب الآثام، ولتكن⁣(⁣١) في ولايته كالماشي في النار أحب شيء إليه الخروج منها، ولا يحارب ليذكر فيكون مرائياً، وليعاشر من يجاوره أو يتصل به بأحسن عشرة، وليتفقد الرعية في حفظ أنفسهم وأموالهم والتحريض على طاعة الله ø، وليشاور العقلاء وأهل العلم في باب العلم، وأهل كل صنعة فيما يحتاج إليهم فيه، وليستخلف في عمله من يقوم مقامه، ولا يعجل بقبول الشكاية قبل تعرف القصة، وإذا كان العدو عاقلاً فليخادعه بالنصيحة، وإن كان جاهلاً فليعم الأمر عليه، وليرحم الرعية، ولا يظهر كل ما عنده من محبة أو عداوة.

  ولا يجوز للوالي أن يأخذ لنفسه من بيت المال إلا ما عينه له أو أطلقه؛ لأن المال لا يجوز إلا بمبيح شرعي، فإن ألجأت الضرورة وبعد الإمام عنه أخذ ما يأخذ قرضاً وطالع فيه الإمام، وللإمام أن يعطيه على قدر السعة والضيق، وقد ولى رسول الله ÷ ورزق، وولى ولم يرزق، كما حكي عن⁣(⁣٢) عتاب بن أسيد.

  وإذا لم يفوض إليه أن يعمل برأيه كان الإذن يتناول القوت والكسوة الشرعية دون الفضلات.


(١) في (ب): وليكن.

(٢) في (ب): في.