باب السيرة في أهل الفسق وأهل البغي وأحكامهم عند الظفر بهم
  وغيره، وعلي # لم يهدم في البصرة داراً، ولا فتح باباً، ولا اتبع منهزماً، وهدم بعد ذلك منازل على مجرد البغي، وحرق طعام المحتكر، ولم يقل له لم أحدثت حكماً ولم سميت اسماً؟ وفيما ذكرناه مما لم يذكره آباؤنا $ مزيد فائدة وبيان حكمٍ نرجو أن يكتب لنا الأجر بذلك.
  وإذا نظرت في أهل زماننا رأيتهم أسوأ حالاً في باب المكيدة للدين من الكفار الذين عبدوا النار والصليب والوثن من دون الله، ومن اليهود الذين قالوا عُزير بن الله؛ لأن أولئك كادوا الإسلام من أطرافه وتخومه، وهؤلاء كادوا الإسلام من بحبوحته، وسودوا وجهه، ودنسوا ثوبه، فكانوا بالتنزيه من الأرض أولى، ولا يكون إلا باجتياح أصلهم، وقطع دابرهم، وخراب منازلهم، وأخذ أموالهم، وسفك دمائهم، ومن كان كالتابع لهم(١) فهو داخل في حكمهم في وجوب رفع التفتيش عنه عندنا في الدنيا دون الآخرة، كما يُعلم(٢) في أولاد الكفار أن حكمهم حكم آبائهم.
  وأما قول علي #: «لا تستحلوا ملكاً(٣) إلا ما استعين به عليكم» فذلك حق، والبغاة لا تستعين علينا إلا بأموالها، وربما تكون مضرة المال في المصر أعظم مضرة علينا من كونه في العسكر.
  وما قلنا من أن جهاد البغاة وفساق الأمة أفضل من جهاد الكفار، وهو مروي عن المرتضى محمد بن يحيى #(٤) في كتابه المسمى بكتاب
(١) زيادة في (ب).
(٢) في (ب): نعلم.
(٣) سقط من (ب).
(٤) في (ب): @.