باب المرتدين وأحكامهم
  ومن رد ما هو معلوم ضرورة من دين الإسلام أو آية من كتاب الله تعالى أو أثراً معلوماً من آثار النبي صلى الله عليه المعلومة الظاهرة فقد كفر وارتد وخرج من دين الإسلام، وقد خالفت المطرفية أربعمائة آية وسبعاً وثلاثين آية من صريح القرآن الكريم والظواهر الشريفة، وإذا ثبت كونهم أهل ردة دخلت أحكامهم في جملة أحكام المرتدين.
  واعلم أنهم يختصون بحكم زائد(١) على حكم المرتدين، وذلك أن التوبة لا تقبل من علمائهم؛ لأنهم يعتقدون جواز الكذب بل وجوبه عند الحاجة إليه وتقويته لمذهبهم، وقد ناظرنا بعضهم على ذلك.
  ولا يجوز قبر المرتد في مقابر المسلمين، ولا يناكح، ولا يوارث، ولا تشيع جنائزهم، ولا يشمت عاطسهم، ولا يبدأ بالسلام، ومن ابتلي بهم ولم يتمكن من إجراء الأحكام عليهم وسار معهم في طريق ألجأهم إلى مضايقه وصغرهم كما صغرهم الله تعالى، ومن تمكن من غيالتهم في أزواجهم وأموالهم فقد أمرناه بذلك وأبحناه له، ومن أجاب دعوتهم وظاهرهم وكان من جملتهم فحكمه حكمهم، ومن أعطاهم الزكاة بعد ظهور كفرهم مستحلاً لذلك فقد كفر؛ لأنه خالف دين الإسلام؛ لأن أحداً من المسلمين لم يجزها للكفار، ومن عضدهم بكلامٍ أو فعالٍ فقد شركهم في كفرهم؛ لأن من أحب عمل قومٍ شرك معهم في عملهم.
  والمجبرة كفارٌ عندنا، وهو رأي الهادي والقاسم @، والبلوى بالباطنية عظيمة، فما أمكن في أمرهم فعل، وما تعذر رفع الله تعالى عنا حكمه.
  والمرتد إذا لحق بدار الحرب وكان له فيها مالٌ فماله فيء، وكذلك إذا انحاز إلى
(١) في (ب): واحد.