المهذب في فتاوي الإمام المنصور بالله،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

باب ذكر الأذان والإقامة

صفحة 39 - الجزء 1

  والأذان للفريضة فرض على الكفاية عندنا لأمر رسول الله ÷ به، والأمر يقتضي الوجوب، وهو أمر من الله سبحانه لقوله: {أَقِمِ الصَّلاةَ} وهو من الصلاة، وقد نبه عليه سبحانه بقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}⁣[فصلت: ٣٣] وأكثر الأوامر ورد بلفظ الخبر كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}⁣[آل عمران: ٩٧]، فهذا أمر بلفظ الخبر، وقد قال تعالى: {فَلْيَحْذَر الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}⁣[النور: ٦٣]، والوعيد لا يكون إلا في مقابلة الواجبات ويكفي في سقوط فرضه العلم بأن الأذان قد وقع؛ لأن السماع لا يلزم إلا في الخطبة.

  وإذا وقع الأذان في الميل سقط فيما دونه؛ لأن لذلك أصلاً في الشريعة في تقدير جواز القصر ووجوب الإتمام، ولو تعدى الميل وأجزى لمن وراه تعدى إلى غير نهاية، وما دون⁣(⁣١) الميل لا دليل عليه، وإثبات ما لا دليل عليه لا يجوز.

  والجهر بالأذان سنة مؤكدة، والنطق به هو الفرض؛ لأنه قول والقول قد حصل بذلك، وهو من الدين والدين قول وعمل واعتقاد.

  والأذان للمنفرد سنة وفضل، ويجوز تقليد المؤذن الأمين في الصحو دون الغيم، وإن تعذر إقامة المؤذن أقام سواه وكذلك إتمام أذانه، ويجوز أذان الأعمى والمملوك المأذون له فيه وولد الزنا، ولا يجوز أذان المرأة والصبي والمجنون والجنب، ولا يقيم المؤذن إلا وهو على وضوء، والأذان للفوائت جائز إذا لم يقع لبس، والجامع بين الصلاتين يقيم للأخرى، ويكره الكلام في الأذان والإقامة إلا لضرورة، وكان مبتدأ الأذان ليلة الإسراء.


(١) في (ب): وما فوق.