إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(44) شرح إعراب سورة حم (الدخان)

صفحة 84 - الجزء 4

  {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٦}

  {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} في نصبه خمسة أقوال: قال الأخفش: هو نصب على الحال. وقدّره الفراء⁣(⁣١) مفعولا على أنه منصوب بمرسلين، وجعل الرحمة للنبيّ . وقال أبو إسحاق: يجوز أن يكون رحمة مفعولا من أجله. وهذا أحسن ما قيل في نصبها. وقيل: هي بدل من أمر، والقول الخامس: أنها منصوبة على المصدر. {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} يكون «هو» زائدا فاصلا، ويجوز أن يكون مبتدأ و «السميع» خبره و {الْعَلِيمُ} من نعته.

  {رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ٧ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ٨}

  {رَبِّ السَّماواتِ} نعت للسميع، ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ. وهذه قراءة المدنيين والبصريين سوى الحسن فإنه والكوفيين قرءوا رب السماوات⁣(⁣٢) على البدل بمعنى رحمة من ربّك ربّ السّموات، وكذا ربكم ورب آبائكم الأولين بالرفع والخفض.

  {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ ١٠}

  وسمع من العرب في جمع دخان دواخن. وزعم القتبيّ أنه لم يأت على هذا إلّا دخان وعثان. قال أبو جعفر: وهذا القول ليس بشيء عند النحويين الحذاق؛ وإنما دواخن جمع داخنة وهذا قول الفراء نصا وكلّ من يوثق بعلمه، وحكى الفراء: دخنت النار فهي داخنة إذا أتت بالدخان.

  {يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ ١١ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ١٢}

  قال أبو إسحاق: أي يقول الناس الذين أصابهم الجدب «هذا عذاب أليم».

  {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ١٣}

  {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى} في موضع رفع بالابتداء على قول سيبويه، وعلى قول غيره بإضمار فعل. قال أبو الحسن بن كيسان: «أنّى» تجتذب معنى «أين» «وكيف» أي من أي المذاهب وعلى أي حال، ومنه {قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا}⁣[ال عمران: ٣٧] أي من أي المذاهب وعلى أي حال.

  {إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ ١٥}

  {إِنَّا} أصله إنّنا فحذفت النون تخفيفا. {كاشِفُوا الْعَذابِ} الأصل كاشفون حذفت


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٣٩.

(٢) انظر تيسير الداني ١٦٠، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٩٢.