إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(51) شرح إعراب سورة الذاريات

صفحة 165 - الجزء 4

  {وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ٤١}

  أي وفي عاد آية والمعنى معقومه فلذلك حذفت الهاء.

  {ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ٤٢}

  {ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ} حذفت الواو من تذر لأنها بمعنى تدع، وحذفت من يدع؛ لأن الأصل فيها يودع فوقعت بين ياء وكسرة فحذفت {إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} قال الفراء⁣(⁣١): الرميم النّبت إذا يبس وديس. وقال محمد بن يزيد: أصل الرميم العظم البالي المتقادم، ويقال له: رمّة.

  {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ٤٣}

  {وَفِي ثَمُودَ} أي آية {إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ} زعم الفراء أن الحين هاهنا ثلاثة أيام، وذهب إلى هذا؛ لأنه قيل لهم تمتعوا في داركم ثلاثة أيام.

  {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٤٤}

  {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} أي غلوا وتركوا أمر ربّهم {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} ويروى عن عمر بن الخطاب | أنه قرأ فأخذتهم الصاعقة⁣(⁣٢) وإسناده ضعيف لأنه لا يعرف إلا من حديث السّدّي ويدلّك على أن الصاعقة أولى قوله جلّ وعزّ {وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ}⁣[الرعد: ١٣] فهذا جمع صاعقة. وجمع صعقة صعقات وصعاق. {وَهُمْ يَنْظُرُونَ} قيل: المعنى: ينتظرون ذلك لأنهم كانوا ينتظرون العذاب لمّا تغيّرت ألوانهم في الأيام الثلاثة.

  {فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ ٤٥}

  {فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ} أي نهوض بالعقوبة. قال الفراء: {مِنْ قِيامٍ} أي ما قاموا بها وأجاز في الكلام من إقامة كأنه تأوله بمعنى ما استطاعوا أن يقوموا بها. وزعم أن {مِنْ قِيامٍ} مثل {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً}⁣[نوح: ١٧] {وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ} أي ما كانوا يقدرون على أن يستفيدوا ممن عاقبهم. وقال قتادة في معنى {وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ} وما كانت لهم قوة يمتنعون بها من العقوبة.

  {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ ٤٦}

  {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ} قراءة أهل المدينة وعاصم، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٨٨.

(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ١٣٩.