(77) شرح إعراب سورة المرسلات
  {إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ ٧}
  أي من البعث والحساب والمجازاة. وهذا جواب القسم و «ما» هاهنا بمعنى الذي مفصولة من «إنّ»، ولا يجوز أن تكون هاهنا فاصلة و «لا» زائدة ألا ترى أن في خبرها اللام المؤكدة لخبر إنّ وحذفت الهاء لطول الاسم، والتقدير أن الذي توعدونه لواقع من الحساب والثواب والعقاب.
  {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ٨}
  رفعت النجوم بإضمار فعل مثل هذا؛ لأن إذا هاهنا بمنزلة حروف المجازاة فإن قال قائل: قد قال سيبويه(١) في قول الله جلّ وعزّ {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ}[الروم: ٣٦] «إذا» جواب بمنزلة الفاء، وإنما صارت جوابا بمنزلة الفاء لأنها لا يبتدأ بها كما لا يبتدأ بالفاء. فقد ابتدئ بها هاهنا، وأنت تقول: إذا قمت قمت مبتدأ. قال أبو جعفر: فلم أعلم أحدا غلط سيبويه في هذا، والحجة له أنّ «إذا» كانت للمفاجأة لم يبتدأ بها نحو قوله: {إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ} وإذا كانت بمعنى المجازاة ابتدئ بها ولكن قد عوض سيبويه بأن الفاء تدخل عليها فكيف تكون عوضا منها؟ فالجواب أنها إنما تدخل توكيدا، وجواب {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} وقيل الفاء محذوفة، وقيل الجواب محذوف.
  {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ١١}
  وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}(٢) بهمزة وتشديد القاف، وقرأ عيسى بن عمر النحوي وخالد بن إلياس {أُقِّتَتْ} بهمزة وتخفيف القاف، وقرأ أبو عمرو «وقّتت» بواو وتشديد القاف، وقرأ الحسن وأبو جعفر «وقتت» بواو وتخفيف القاف. قال أبو جعفر: الأصل فيها الواو لأنه مشتق من الوقت قال جلّ وعزّ: {كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً}[النساء: ١٠٣] فهذا من وقتت مخففة إلّا أن الواو تستثقل فيها الضمة فتبدل فيها همزة، وقد ذكر سيبويه اللغتين وقّتت وأقّتت فلم يقدّم إحداهما على الأخرى فإذا كانتا فصيحتين فالأولى اتباع السواد.
  {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ١٢ لِيَوْمِ الْفَصْلِ ١٣}
  {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} قيل: حذف الفعل الذي تتعلق به اللام والتمام لأي يوم أجّلت ثم أضمر فعل أجلت ليوم الفصل، وقيل: ليوم الفصل بدل وأعدت اللام مثل {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} وقيل: اللام بمعنى إلى.
(١) انظر القراءات المختلفة في تيسير الداني ١٧٧، والبحر المحيط ٨/ ٣٩٦، ومعاني الفراء ٣/ ٢٢٢.
(٢) انظر البحر المحيط: ٨/ ٣٩٧.