إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(77) شرح إعراب سورة المرسلات

صفحة 74 - الجزء 5

  {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ ١٤}

  «ما» الأولى والثانية في موضع رفع بالابتداء.

  {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٥}

  أي الذين يكذبون بيوم القيامة وما فيه.

  {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ١٦ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ١٧}

  وقرأ الأعرج {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ}⁣(⁣١) جزم {نُتْبِعُهُمُ} لأنه عطف على نهلك قال أبو جعفر: هذا لحن، وقال أبو حاتم: هذا لحن، وذكر إسماعيل أنه لا يجوز. قال أبو جعفر: «ثم» من حروف العطف وإنما معناه من جهة المعنى وهو في المعنى غير مستحيل؛ لأنه قد قيل في معنى {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} أنهم قوم نوح وعاد وثمود، وأن الآخرين قوم إبراهيم وأصحاب مدين وفرعون. قال أبو جعفر: فعلى هذا تصحّ القراءة بالجزم.

  {كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ١٨}

  أي كذلك سنتي فيمن أقام على الإجرام أن أهلكه بإجرامه.

  {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٩}

  أي لمن كذّب بما أخبر الله جلّ وعزّ وبقدرته على ما يشاء.

  {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ٢٠ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ ٢١ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢ فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ٢٣}

  ويجوز إدغام القاف في الكاف وعن ابن عباس «مهين» ضعيف. وقرأ أبو عمرو وعاصم والأعمش وحمزة {فَقَدَرْنا}⁣(⁣٢) مخفّفة، وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع والكسائي {فَقَدَرْنا} مشددة والأشبه التخفيف؛ لأن بعده {فَنِعْمَ الْقادِرُونَ} وليس بعده المقدّرون على أن القراءة بالتشديد حسنة؛ لأنه قد حكي أنهما لغتان بمعنى واحد. يقال: قدر وقدره. وقد قال: {نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ}⁣[الواقعة: ٦٠] ولا ينكر أن تأتي لغتان بمعنى واحد في موضع واحد، قال: {فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً}⁣[الطارق: ١٧] وقال الشاعر: [البسيط]

  ٥٢٠ - وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلّا الشّيب والصّلعا⁣(⁣٣)


(١) انظر تيسير الداني ١٧٧.

(٢) مرّ الشاهد رقم (٢١٨).

(٣) انظر مختصر ابن خالويه ١٦٧.