إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(77) شرح إعراب سورة المرسلات

صفحة 76 - الجزء 5

  ولغة بني تميم شرار، {كَالْقَصْرِ}⁣(⁣١) يقرأ على ثلاثة أوجه؛ فقراءة العامة {كَالْقَصْرِ}، وعن ابن عباس وجماعة من أصحابه {كَالْقَصْرِ} بفتح الصاد، وعن سعيد بن جبير روايتان في إحداهما {كَالْقَصْرِ} والأخرى {كَالْقَصْرِ} كما قرئ على إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن إسحاق قال نصر بن علي قال: ثنا يزيد بن زريع ثنا يونس عن الحسن أنها ترمي بشرر {كَالْقَصْرِ} بكسر القاف. قال نصر: وحدّثنا أبي ثنا يونس عن الحسن {بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} قال: أصول النخل. قال أبو جعفر: والقصر بفتح القاف وإسكان الصاد في معناه قولان. روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {كَالْقَصْرِ} قال: يقول: كالقصر العظيم وكذا قال محمد بن كعب هو القصر من القصور. وقال أبو عبيد عن حجاج عن هارون قال: القصر الخشب الجزل مثل جمرة وجمر وتمر وتمر. قال أبو جعفر: وأصحّ من هذا عن الحسن كما قرئ على إبراهيم ابن موسى عن إسماعيل عن نصر قال: ثنا يزيد ثنا يونس عن الحسن قال: «كالقصر» واحد القصور. قال أبو جعفر: فهذا قول بيّن والعرب تشبه الناقة والجمل بالقصر كما قال: [البسيط]

  ٥٢٢ - كأنها برج روميّ يشيّده ... بان بجصّ وآجرّ وأحجار⁣(⁣٢)

  فأما القصر فقال مجاهد وقتادة: هو أصول النخل، وروى عبد الرّحمن بن عابس عن ابن عباس قال: القصر الخشبة تكون ثلاثة أذرع أو أكثر ودون ذلك. قال أبو جعفر: وهذا أصح ما قيل فيه ومنه قيل: قصّار لأنه يعمل بمثل هذا الخشب، والقصر بهذا المعنى يكون جمع قصرة وقد سمع من العرب حاجة وحوج، ويجوز أن يكون جمع قصرة وقد سمع حلقة وحلق فقال: الشرر جماعة والقصر واحد فكيف شبهت به؟ الجواب أن يكون واحدا يدلّ على جمع أو جمع قصرة أو يراد به الفعل أي كعظيم القصر وتكلم الفراء⁣(⁣٣) في أن الأولى أن يقرأ «كالقصر» بإسكان الصاد؛ لأن الآيات على هذا. ألا ترى أن بعده «صفر»، واحتجّ بقراءة القراء: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ}⁣[القمر: ٦] بضم الكاف؛ لأن الآيات كذا، وفي موضع آخر {فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً}⁣[الطلاق: ٨] بإسكان الكاف فقال: فقد أجمع القراء على تحريك الأولى وإسكان الثانية قال أبو جعفر: وهذا غلط قبيح قد قرأ عبد الله بن كثير {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ} بإسكان الكاف. وهذا الذي جاء به من اتفاق الآيات لا يستتب ولا ينقاس.


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٣٩٨.

(٢) الشاهد للأخطل التغلبي في ديوانه ٧٦، وتفسير الطبري ١٩/ ٣٠.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٢٤.