إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(92) شرح إعراب سورة الليل

صفحة 151 - الجزء 5

  فعل مستقبل الأصل تتلظّى وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنه قرأ «تتلظّى»⁣(⁣١) وبعض الحفّاظ يروي عن ابن عيينة بهذا الإسناد إدغام التاء في التاء. قال أبو جعفر: ويجب أن يحرّك التنوين لالتقاء الساكنين. قال مجاهد: تلظّى توهج.

  {لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى ١٥ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ١٦}

  {لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ١٥} فيه قولان: قال أبو عبيدة {الْأَشْقَى} بمعنى الشقي، وقال الفرّاء⁣(⁣٢): الأشقى الشقيّ في علم الله سبحانه، فالقول الآخر: فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلّا أشقى أهل النار، وأشقى أهل النار الكفار. ودلّ بهذا على أن غير الكفار يدخلون النار بذنوبهم. قال الفرّاء: {الَّذِي كَذَّبَ} أي قصّر أخذه من قول العرب: حمل فلان على فلان فما.

  {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ١٧ الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ١٨}

  أي يتطهّر من الذنوب.

  {وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ١٩}

  أي ليس يتصدّق ليكافئ إنسانا على نعمة أنعم بها عليه. وفي معناه قول آخر ذكره الفرّاء يكون للمستقبل أي ليس يتصدّق ليكافأ على صدقته. على أنّ الفراء⁣(⁣٣) جعله من المقلوب بمعنى وما له عند أحد نعمة تجزى، وأنشد: [الطويل]

  ٥٧٢ - وقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي ... على وعل في ذي المطارة عاقل⁣(⁣٤)

  وتأوّله بمعنى حتى ما تزيد مخافة وعل على مخافتي. قال أبو جعفر: لا يجوز أن يحمل كتاب الله على القلب والاضطرارات البعيدة.

  {إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ٢٠ وَلَسَوْفَ يَرْضى ٢١}

  {إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ٢٠} منصوب لأنه استثناء ليس من الأول لم يذكر البصريون غير هذا. وأجاز الفرّاء⁣(⁣٥) أن يكون التقدير: ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربّه، وأجاز {إِلَّا


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٧٢، والبحر المحيط ٨/ ٤٧٨.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٧٢.

(٣) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٧٢.

(٤) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ١٤٤، وأما لي المرتضى ١/ ٢٠٢، ومعجم ما استعجم ١٠٢٦، وبلا نسبة في أما لي المرتضى ١/ ٢١٦، والإنصاف ١/ ٣٧٢، ولسان العرب (خوف)، ومجالس ثعلب ص ٦١٨ والمقتضب ٣/ ٢٣١.

(٥) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٧٣.