إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(5) شرح إعراب سورة المائدة

صفحة 287 - الجزء 1

  بفتح التاء والحاء، وكذا روى حفص بن سليمان عن عاصم بن أبي النجود.

  {الْأَوْلَيانِ} قراءة أهل المدينة يكون بدلا من قوله «فآخران» أو من المضمر في {يَقُومانِ} وقيل هو اسم ما لم يسم فاعله أي استحقّ عليهم إثم الأوليين مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} والمعنى عند قائل هذا «من الذين استحق عليهم الإثم بالخيانة»، وعليهم بمعنى فيهم مثل {عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ}⁣[البقرة: ١٠٢] أي في ملك سليمان والمعنى الأولى بالميّت أو القسم، وقرأ الكوفيون الأولين⁣(⁣١) بدل من الذين أو من الهاء والميم في عليهم، وروي عن الحسن الأولان⁣(⁣٢). {فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما} ابتداء وخبر وقد ذكرنا ما فيه. والأولى أن يكون لأولياء الميت فأما أن يكون الشاهدان يحلفان فبعيد وإنما أشكل لقوله: لشهادتنا وبيانه أنّ الشهادة بمعنى الخبر وكلّ مخبر شاهد، وقد روى معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال: قام رجلان من أولياء الميت فحلفا.

  {ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ ١٠٨}

  {ذلِكَ أَدْنى} ابتداء وخبر. {أَنْ} في موضع نصب {يَأْتُوا} نصب بأن. {أَوْ يَخافُوا} عطف عليه. {أَنْ تُرَدَّ} في موضع نصب بيخافوا. {وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا} أمر فلذلك حذفت منه النون. {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ} نعت للقوم وفسق ويفسق ويفسق أي خرج من الطاعة إلى المعصية.

  {يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ١٠٩}

  {يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ} ظرف زمان والعامل فيه واسمعوا أي واسمعوا خبر يوم، وقيل: التقدير: واتّقوا يوم يجمع الله الرسل. {فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا} لا يصحّ قول مجاهد في هذا إنهم يفزعون فيقولون: لا علم لنا لأن الرسل صلّى الله عليهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والصحيح في هذا أن المعنى: ماذا أجبتم في السرّ والعلانية ليكون هذا توبيخا للكفار فيقولون: لا علم لنا فيكون هذا تكذيبا لمن اتّخذ المسيح إلها. {إِلَّا ما عَلَّمْتَنا} في موضع رفع لأنه خبر التبرية ويجوز أن يكون في موضع نصب على الاستثناء.

  {إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ


(١) انظر تيسير الداني ٨٣، والبحر المحيط ٤/ ٤٩.

(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٣٢٤، والبحر المحيط ٤/ ٥١.