إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 8 - الجزء 2

  يفطن بهم ضعفاؤهم فظهر ذلك يوم القيامة، وقرأ يحيى بن وثاب {وَلَوْ رُدُّوا} بكسر⁣(⁣١) الراء لأن الأصل رددوا فقلب كسرة الدال على الراء كما يقال: قيل وبيع وبينهما فرق لأنّ قيل إنما قلبت فيه الحركة لأنه معتل وليس حكم الياء والواو حكم غيرهما لكثرة انقلابهما.

  {وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ٢٩}

  {وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا} ابتداء وخبر {وَما نَحْنُ} اسم ما. {نَحْنُ} الخبر.

  {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ٣١}

  {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ} أي قد خسروا أعمالهم وثوابها. {حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} نصب على الحال وهي عند سيبويه⁣(⁣٢) مصدر في موضع الحال كما تقول: قتلته صبرا وأنشد: [الطويل]

  ١٣١ - فلأيا بلأي ما حملنا وليدنا ... على ظهر محبوك ظماء مفاصله⁣(⁣٣)

  ولا يجيز سيبويه أن يقاس عليه. لا يقال: جاء فلان سرعة. {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ} أي ذنوبهم جعلها لثقلها بمنزلة الحمل الثقيل الذي يحمل على الظّهر وقيل: يعني عقوبات الذنوب لأن العقوبة يقال لها وزر. {أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ} أي يحملون.

  {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ٣٢}

  {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ابتداء وخبر أي الذين يشتهون الحياة الدنيا لا عاقبة له فهو بمنزلة اللهو واللعب. {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ} ابتداء وخبر وقرأ ابن عامر ولدار الآخرة خفيفة وبالخفض، والدار الآخرة خير لبقائها. {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي يتقون معاصي الله جلّ وعزّ {أَفَلا تَعْقِلُونَ} إنّ الأمر هكذا فتزهدوا في الدنيا.

  {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ٣٣}

  {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} كسرت «إنّ» لدخول اللام. {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ} قد ذكرناه وحكي عن محمد بن يزيد أنه قال: يكذبونك ويكذّبونك بمعنى واحد قال: وقد يكون لا يكذبونك بمعنى لا يجدونك تأتي بالكذب كما تقول: أبخلت الرجل، وقال


(١) انظر البحر المحيط ٤/ ١٠٨.

(٢) انظر الكتاب ١/ ٤٣٨.

(٣) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ١٣٣، والكتاب ١/ ٤٣٨، وشرح شواهد للشنتمري ١/ ١٨٦.