إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 26 - الجزء 2

  يلتقي ساكنان والألف لا يتحرك. {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} أي فمن استدلّ وتعرّف {وَمَنْ عَمِيَ} فلم يستدلّ فصار بمنزلة الأعمى. {وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أي لم أومر بحفظكم عن أن تهلكوا أنفسكم.

  {وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ١٠٥}

  {وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ} الكاف في موضع نصب أي ونصرف الآيات مثل ما تلونا عليك. {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} قال أبو جعفر: قد ذكرنا ما فيه من القراءات وروى شعبة عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس {وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ}⁣(⁣١) قال قرأت وتعلّمت وفي الكلام حذف أي وليقولوا درست صرّفناها. قال أبو إسحاق: هذا كما تقول: كتب فلان هذا الكتاب لحتفه أي آل أمره إلى ذا وكذا لما صرّفت الآيات آل أمرهم إلى أن قالوا درست وتعلّمت. قال أبو جعفر: وفي المعنى قول آخر حسن وهو أن يكون معنى {نُصَرِّفُ الْآياتِ} نأتي بها آية بعد آية ليقولوا درست علينا فيذكرون الأول بالآخر فهذا حقيقة والذين قال أبو إسحاق مجاز، ومن قرأ {دَرَسْتَ}⁣(⁣٢) فأحسن ما قيل فيه أن المعنى ولئلا يقولوا انقطعت وامّحت وليس يأتي محمد بغيرها، وأحسن ما قيل في دارست⁣(⁣٣) أن معناه دارستنا فيكون معناه كمعنى درست وقيل: معناه دارست أهل الكتاب فهذا أيضا مجاز كما قال: [المتقارب]

  ١٣٦ - فللموت ما تلد الوالده⁣(⁣٤)

  {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٠٨}

  {وَلا تَسُبُّوا} نهي وحذفت منه النون للجزم نهى الله ø المؤمنين أن يسبّوا أوثانهم لأنه علم أنهم إذا سبّوها نفر الكفار وازدادوا كفرا ونظيره قوله ø: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً}⁣[طه: ٤٤]. {فَيَسُبُّوا} جواب النهي بالفاء. {عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} مصدر ومفعول من أجله وروي عن أهل مكة أنهم قرءوا عدوا فهذا نصب على الحال وهو واحد يؤدّي عن جمع مثل {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ}⁣[الشعراء: ٧٧]


(١) انظر المحتسب ١/ ٢٢٥، والبحر المحيط ٤/ ٢٠٠.

(٢) هذه قراءة ابن عامر، انظر تيسير الداني ٨٧.

(٣) انظر البحر المحيط ٤/ ٢٠٠.

(٤) الشاهد لنهيكة بن الحارث المازني، أو لشتيم بن خويلد في خزانة الأدب ٩/ ٥٣٠، ولشتيم أو لسماك بن عمرو في لسان العرب (لوم) وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢/ ٥٧٢، ومغني اللبيب ١/ ٢١٤.