إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 27 - الجزء 2

  وروي عنهم عدوا⁣(⁣١) بضم العين والدال وتشديد الواو وهذه قراءة الحسن وأبي رجاء وقتادة.

  {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ ١٠٩}

  وقرأ طلحة بن مصرّف {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَ} بالنون الخفيفة. قال سيبويه: قال الخليل: {وَما يُشْعِرُكُمْ} ثم أوجب فقال: (إنّا). قال أبو جعفر: هذه قراءة مجاهد وأبي عمرو وابن كثير، وقرأ أهل المدينة والأعمش وحمزة {أَنَّها}⁣(⁣٢) بفتح الهمزة قال الخليل: «أنها» بمعنى «لعلها»⁣(⁣٣). قال أبو جعفر: التمام على هذه القراءة أيضا {وَما يُشْعِرُكُمْ} ثم ابتدأ فقال (أنّها) وفيه معنى الإيجاب وهذا موجود في كلام العرب أن تأتي لعل وعسى بمعنى ما سيكون فأما قول الكسائي: أنّ «لا» زائدة فخطأ عند البصريين لأنها إنما تزاد فيما لا يشكل وقرأ حمزة وحده لا تؤمنوا⁣(⁣٤) بالتاء.

  {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١٠}

  {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ} «أول مرة» هذه آية مشكلة ولا سيما وفيها {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} فالمعنى ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم يوم القيامة على لهب النار كما لم يؤمنوا في الدنيا ونذرهم في الدنيا أي نمهلهم ولا نعاقبهم فبعض الآية في الآخرة وبعضها في الدنيا ونظيرها {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ}⁣[الغاشية: ٢] فهذا في الآخرة {عامِلَةٌ ناصِبَةٌ}⁣[الغاشية: ٣] فهذا في الدنيا.

  {وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ١١١}

  {أَنَّنا} في موضع رفع. {وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً}⁣(⁣٥) قال هارون القارئ: أي عيانا وقال محمد بن يزيد يكون قبلا بمعنى ناحية كما تقول: لي قبل فلان مال و (قبلا) بضم القاف والباء وفيه ثلاثة أقوال: فمذهب الفراء أنه بمعنى ضمناء كما قال {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً}⁣[الإسراء: ٩٢] وقول الأخفش بمعنى قبيل وعلى


(١) انظر المحتسب ١/ ٢٢٦.

(٢) انظر البحر المحيط ٤/ ٢٠٣.

(٣) انظر معاني الفراء: ١/ ٣٥٠.

(٤) انظر تيسير الداني ٨٧، والبحر المحيط ٤/ ٢٠٤.

(٥) انظر تيسير الداني ٨٧.