إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 30 - الجزء 2

  {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ١٢١}

  {وَلا تَأْكُلُوا} نهي. {مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} كسرت الراء لالتقاء الساكنين. {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} خبر «إنّ».

  {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ١٢٢}

  وروى المسيّبي عن نافع بن أبي نعيم {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ} بإسكان الواو وقال أبو جعفر: يجوز أن يكون محمولا على المعنى أي انظروا وتبيّنوا أغير الله أبتغي حكما أو من كان ميتا فأحييناه. ومن فتح الواو جعلها واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام.

  {وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ ١٢٣}

  لام كي قيل: إنه مجاز كما قال {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً}⁣[القصص: ٨].

  {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}

  {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} أي يوسعه ثوابا إلى طاعته وهي شرط ومجازاة. {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} مثله، وقرأ ابن كثير {ضَيِّقاً}⁣(⁣١) بتخفيف الياء كما يقال: ليّن ولين وهيّن وهين. حرج اسم الفاعل وحرج مصدر وصف به كما يقال: رجل عدل ورضى وقيل: حرج جمع حرجة ومعناه شدّة الضيق ومنه فلان يتحرّج أي يضيّق على نفسه في تركه هواه للمعاصي. {كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ}⁣(⁣٢) قد ذكرناه. {كَذلِكَ} الكاف في موضع نصب وكذا ما مرّ من قوله «وكذلك جعلنا في كلّ قرية».

  {وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ١٢٦}


(١) انظر تيسير الداني ٨٨، والبحر المحيط ٤/ ٢١٩.

(٢) قراءات (يصّعّد) في البحر المحيط ٤/ ٢٢٠.