إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(7) شرح إعراب سورة الأعراف

صفحة 83 - الجزء 2

  عند أبي العباس ومرساها من أرساها، ومرساها من رست أي ثبتت ووقعت، ومنه {وَقُدُورٍ راسِياتٍ}⁣[سبأ: ١٣]. قال قتادة: أي ثابتات. {قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي} ابتداء وخبر. {لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} مصدر في موضع الحال. {يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها} قال أبو جعفر: قد ذكرنا قول أهل التفسير إن المعنى على التقديم والتأخير، وقال محمد بن يزيد المعنى يسألونك كأنك حفيّ بالمسألة عنها أي ملحّ يذهب إلى أنه ليس فيه تقديم ولا تأخير يقال: أحفى في المسألة وفي الطلب فهو محفي وحفيّ على التكثير مثل مخصب وخصيب. {قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ} ليس هذا تكريرا ولكن أحد العلمين لوقوعها، والآخر لكنها.

  {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ١٨٨}

  {ما شاءَ اللهُ} في موضع نصب بالاستثناء والمعنى إلّا ما شاء الله أن يملكني، وأنشد سيبويه: [الطويل]

  ١٦٤ - مهما شاء بالناس يفعل⁣(⁣١)

  {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ} من أحسن ما قيل فيه أن المعنى لو كنت أعلم الغيب ما يريد الله جلّ وعزّ مني من قبل أن يعرّفنيه لفعلته وقيل: لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلم أغلب.

  {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ١٨٩}

  {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} ابتداء وخبر وقد ذكرناه⁣(⁣٢) وقد قيل: إن المعنى هو الذي خلقكم من آدم # ثم جعل منه زوجه إخبار. {فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً} كل ما كان في الجوف فهو حمل بالفتح وإذا كان على الظهر فهو حمل، وما كان في النخلة فهو حمل بالفتح. وقد حكى يعقوب في حمل النخلة الكسر. قال الأخفش: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} صارت ذات ثقل كما تقول: أثمر النخل. {لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً} أي سويا.


(١) الشاهد للأسود بن يعفر في ديوانه ٥٦، وسمط اللآلي ٩٣٥، والكتاب ٢/ ٢٥٤، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٦٤، وشرح التصريح ٢/ ١٩٠، ونوادر أبي زيد ١٥٩، وبلا نسبة في المقرب ١/ ١٨٨، وتمامه:

«ألا هل لهذا الدهر من متعلّل ... عن الناس، مهما شاء بالناس يفعل»

(٢) مرّ في إعراب الآية ١٧٢.