إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(7) شرح إعراب سورة الأعراف

صفحة 84 - الجزء 2

  {فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٩٠}

  {فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً} قيل: التقدير إيتاء صالحا، وهو ذكر وأنثى كما كانت حواء تلد. {جَعَلا لَهُ} قيل: يعني الذكر والأنثى الكافرين ويعني به الجنسين ودل على هذا {فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ولم يقل: يشركان فهذا قول حسن، وقيل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ} ومن هيئة واحدة وشكل واحد {وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها} أي من جنسها فلمّا تغشّاها يعني الجنسين وعلى هذا القول لا يكون لآدم وحواء في الآية ذكر. قرأ أهل المدينة وعاصم جعلا له شركا⁣(⁣١) وقرأ أبو عمرو وسائر أهل الكوفة {جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ}⁣(⁣٢) وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى، وقال: كان يجب على هذه القراءة أن يكون جعلا لغيره شريكا لأنهما يقرّان أن الأصل لله جلّ وعزّ فإنما يجعلان لغيره الشرك. قال أبو جعفر: التأويل لمن قرأ القراءة الأولى جعلا له ذا شرك مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢].

  {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ ١٩٣}

  {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ} قال الأخفش وإن تدعوا الأصنام إلى الهدى لا يتبعوكم. {سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ} قال أحمد بن يحيى: لأنه رأس آية يريد أنه قال «أم أنتم صامتون» ولم يقل أم صمتم. قال أبو جعفر: المعنى في «أم أنتم صامتون» وفي «أم صمتم» واحد. هذا قول سيبويه⁣(⁣٣).

  {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ١٩٤}

  {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} اسم إنّ. {عِبادٌ} خبره. {أَمْثالُكُمْ} نعت، وحكى أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني أن سعيد بن جبير قرأ إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم⁣(⁣٤) بتخفيف «إن» وكسرها لالتقاء الساكنين ونصب «عبادا» بالتنوين ونصب «أمثالكم» قال: يريد ما الذين تدعون من دون الله بعباد أمثالكم أي هنّ حجارة وأصنام وخشب. قال أبو جعفر: وهذه القراءة لا ينبغي أن يقرأ بها من ثلاث جهات إحداها أنها مخالفة للسواد، والثانية أن سيبويه يختار الرفع في خبر «إن» إذا كانت بمعنى «ما» فيقول: إن زيد منطلق لأن عمل «ما» ضعيف و «إن» بمعناها فهي أضعف


(١) انظر تيسير الداني ٩٤، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٢٩٩، والبحر المحيط ٤/ ٤٣٦.

(٢) انظر تيسير الداني ٩٤، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٢٩٩، والبحر المحيط ٤/ ٤٣٦.

(٣) انظر الكتاب ٣/ ٧٣.

(٤) انظر المحتسب ١/ ٢٧٠، والبحر المحيط ٤/ ٤٤٠.