(7) شرح إعراب سورة الأعراف
  تنقص عليه وسامحه. {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} وقرأ عيسى بن عمر {بِالْعُرْفِ}(١) أي المعروف ومعنى المعروف ما كان حسنا في العقل. {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ} أي إذا أقمت عليهم الحجّة وأمرتهم بالمعروف فجهلوا عليك فأعرض عنهم صيانة له عنهم وترفعا لقدره عن مجاوبتهم.
  {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٠٠}
  {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ} نزغ أي إن وسوس إليك الشيطان عند الغضب بما لا يحلّ. {فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ} لقولك {عَلِيمٌ} بما يجب في ذلك و {يَنْزَغَنَّكَ} في موضع جزم بالشرط وكّد بالنون وحسن ذلك لمّا دخلت «ما»، وحكى سيبويه: بألم ما تختننّه(٢).
  {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ ٢٠١}
  {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا} أي اتّقوا المعاصي. {إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ} هذه قراءة أهل البصرة وأهل مكة، وقرأ أهل المدينة وأهل الكوفة طائفة وروي عن سعيد بن جبير طيّف(٣) بتشديد الياء. قال أبو جعفر: كلام العرب في مثل هذا طيف بالتخفيف على أنه مصدر من طاف يطيف، وقال الكسائي: هو مخفّف من طيّف. قال أبو جعفر: ومعنى طيف في اللغة ما يتخيّل في القلب أو يرى في النوم وكذا معنى طائف، وقال أبو حاتم: سألت الأصمعيّ عن طيّف فقال: ليس في المصادر فيعل. قال أبو جعفر: ليس هذا بمصدر ولكن يكون بمعنى طائف، والمعنى: إنّ الذين اتّقوا المعاصي إذا لحقهم شيء من الشيطان تفكّروا في قدرة الله جلّ وعزّ في إنعامه عليهم فتركوا المعصية فإذا هم مستبصرون، وروي عن مجاهد {تَذَكَّرُوا} بتشديد الذال ولا وجه له في العربية.
  {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ٢٠٢}
  {وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ} قال أحمد بن جعفر: الضمير للمشركين. قال أبو حاتم: أي وإخوان المشركين وهم الشياطين. قال أبو إسحاق: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى لا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون وإخوانهم يمدونهم في
(١) انظر البحر المحيط ٤/ ٤٤٤، قال: بضم الراء.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٥٨٠، وقد ورد المثل في خزانة الأدب ١/ ٤٠٣، ومجمع الأمثال ١/ ١٠٧، والمعنى: لا يكون الختان إلا بألم، والمقصود أنه لا يدرك الخير إلا باحتمال المشقّة.
(٣) انظر البحر المحيط ٤/ ٤٤٥.