إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(7) شرح إعراب سورة الأعراف

صفحة 85 - الجزء 2

  منها، والجهة الثالثة أن الكسائي زعم أنّ «إن» لا تكاد تأتي في كلام العرب بمعنى «ما» إلّا أن يكون بعدها إيجاب كما قال جلّ وعزّ: {إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ}⁣[الملك: ٢٠] {فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} الأصل أن تكون اللام مكسورة فحذفت الكسرة لثقلها وإن اللام قد اتصلت بما قبلها. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} خبر كنتم وفي اللام حذف والمعنى فادعوهم إلى أن يتّبعوكم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين أنّهم آلهة.

  {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ ١٩٥}

  {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها} أنتم أفضل منهم فكيف تجدونهم وقرأ أبو جعفر وشيبة {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ}⁣(⁣١)، وهي لغة. واليد والرّجل والأذن مؤنّثات يصغّرن بالهاء، وتزاد في اليد ياء في التصغير تردّ إلى أصلها. {قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ} أي الذين شركتموهم فجعلتم لهم قسطا من أموالكم. {ثُمَّ كِيدُونِ} والأصل كيدوني بالياء حذفت الياء لأن الكسرة تدلّ عليها وكذا {فَلا تُنْظِرُونِ} أي فلا تؤخرون.

  {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ١٩٦}

  {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ} اسم «إنّ» وخبرها، وقرأ عاصم الجحدري إنّ وليّ الله الذي نزّل الكتاب⁣(⁣٢) يعني جبرئيل #. ومعنى وليّي الله حافظي وناصري الله، ووليّ الشّيء الذي يحفظه ويمنع منه الضرر.

  {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ١٩٧}

  {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} مبتدأ والخبر {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ}.

  {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ ١٩٨}

  {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى} شرط فلذلك حذفت منه النون، والجواب {لا يَسْمَعُوا}. {وَتَراهُمْ} مستأنف. {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} في موضع الحال ومعنى النظر فتح العينين إلى المنظور إليه وليس هو مثل الرؤية وخبّر عنهم بالواو لأن الخبر جرى على فعل من يعقل.

  {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ١٩٩}

  {خُذِ الْعَفْوَ} وهو اليسير. قال أبو عبد الله إبراهيم بن محمد: العفو الزكاة لأنها يسير من كثير، قال أبو جعفر: وهو من عفا إذا درس، وقد يقال: خذ العفو منه أي لا


(١) وهي قراءة نافع أيضا، انظر البحر المحيط ٤/ ٤٤١، ومختصر ابن خالويه ٤٨.

(٢) انظر البحر المحيط ٤/ ٤٤٢، ومختصر ابن خالويه ٤٨.