(8) شرح إعراب سورة الأنفال
  يحبسونك. وحكى بعض أهل اللغة أثبته إذا جرحه فلم يقدر أن يبرح، {أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} عطف. {وَيَمْكُرُونَ} مستأنف. {وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ} ابتداء وخبر. والمعنى أنّ الله جلّ وعزّ إنما مكره أن يأتيهم بالعذاب الذي يستحقّونه من حيث لا يشعرون فهو خير الماكرين.
  {وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ٣٢}
  {وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} خبر كان. و {هُوَ} عند الخليل وسيبويه(١) فاصلة. قال أبو جعفر: وسمعت أبا إسحاق يفسّر معنى فاصلة قال: لأنه إنما جيء بها ليعلم أنّ الخبر معرفة أو ما قارب المعرفة وأن {الْحَقَ} ليس بنعت وإنّ {كانَ} ليست بمعنى «وقع»، وقال الأخفش: (هو) صلة زائدة كزيادة «ما» وقال الكوفيون (هو) عماد. قال الأخفش: وبنو تميم يرفعون فيقولون: إن كان هذا هو الحقّ من عندك. قال أبو جعفر: يكون (هو) ابتداء و «الحقّ» خبره والجملة خبر كان.
  {وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ٣٣}
  وقد ذكرنا {وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ}(٢) بنهاية الشرح.
  {وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ٣٤}
  قال الأخفش: {وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ} أن فيه زائدة.
  قال أبو جعفر: ولو كان كما قال لرفع يعذبهم و (أن) في موضع نصب والمعنى وما يمنعهم من أن يعذّبوا فدخلت «أن» لهذا المعنى. {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} ابتداء وخبر، وكذا {إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} وعليهم أن يعلموا، وقيل لا يعلمون أنهم يعذّبون في الآخرة. ويجوز أن يغفر لهم، وقيل لا يعلمون أن المتّقين أولياؤه.
  {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ٣٥}
  {وَما كانَ صَلاتُهُمْ} اسم كان: {إِلَّا مُكاءً} خبر. قال أبو حاتم: قال
(١) انظر الكتاب ٢/ ٤٠٩.
(٢) انظر البحر المحيط ٤/ ٤٨٣.