إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(9) شرح إعراب سورة براءة

صفحة 122 - الجزء 2

  والفرق بين ثم والفاء والواو أنّ ثم يوقف عليها وينفصل والفاء والواو لا يوقف عليها ولا ينفصلان.

  {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ٥٠}

  {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} شرط ومجازاة وكذا {وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا} عطف.

  {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ٥١}

  {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا} نصب بلن وحكى أبو عبيدة أن من العرب من يجزم بها. وقرأ طلحة بن مصرّف هل يصيبنا⁣(⁣١) وروي عن أعين قاضي الري أنه قرأ قل لن يصبّنا⁣(⁣٢) بنون مشدّدة وهذا لحن لا يؤكّد بالنون ما كان خبرا ولو كان هذا في قراءة طلحة لجاز، قال الله جلّ وعزّ {هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ}⁣[الحج: ١٥]. {ما كَتَبَ اللهُ لَنا ما} في موضع رفع. {هُوَ مَوْلانا} ابتداء وخبر، {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} جزم لأنه أمر وكسرت اللام الثانية لالتقاء الساكنين، وإن شئت كسرت الأولى على الأصل والتسكين لثقل الكسرة.

  {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ٥٢}

  {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا} والكوفيون يدغمون اللام في التاء، فأما لام المعرفة فلا يجوز معها إلّا الإدغام كما قال جلّ وعزّ {التَّائِبُونَ}⁣[التوبة: ١١٢] لكثرة لام المعرفة في كلامهم، ولا يجوز الإدغام في قوله {قُلْ تَعالَوْا}⁣[الانعام: ١٥١] لأن قل معتلّ يجمعوا عليه علتين. وواحد {الْحُسْنَيَيْنِ} الحسنى والجمع الحسن ولا يجوز أن ينطق به إلّا معرّفا، لا يقال: رأيت امرأة حسنى. {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ} في موضع نصب بنتربّص.

  {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ ٥٣}

  {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} مصدر في موضع الحال ولفظ أنفقوا لفظ أمر، ومعناه الشرط والمجازاة. وهكذا تستعمل العرب في مثل هذا تأتي بأو كما: [الطويل]


(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٥٢، وهي قراءة ابن مسعود أيضا.

(٢) انظر المختصر لابن خالويه ٥٣، والمحتسب ١/ ٢٩٤.