إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(2) شرح إعراب سورة البقرة

صفحة 44 - الجزء 1

  خفّفت⁣(⁣١) الأولى فقلت «هؤلاء إن كنتم صادقين» وهو مذهب أبي عمرو بن العلاء في الهمزتين إذا اتفقتا. وتميم وبعض أسد وقيس يقصرون «هؤلا» فعلى لغتهم «هاؤلا إن كنتم» وقال الأعشى: [الخفيف]

  ١٥ - هؤلا ثمّ هؤلا كلّا أعطيت ... نعالا محذوّة بمثال⁣(⁣٢)

  ومن العرب من يقول: «هؤلا» فيحذف الألف والهمزة، {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}: «كنتم» في موضع جزم بالشرط وما قبله في موضع جوابه عند سيبويه⁣(⁣٣)، وعند أبي العباس الجواب محذوف، والمعنى إن كنتم صادقين فأنبئوني. قال أبو عبيد: وزعم بعض المفسرين أنّ «إن» بمعنى «إذ»، وهذا خطأ إنما هي «أن» المفتوحة التي تكون بمعنى «إذ» فأمّا هذه فهي بمعنى الشرط.

  {قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ٣٢}

  {قالُوا سُبْحانَكَ} منصوب على المصدر عند الخليل. وسيبويه⁣(⁣٤)، يؤدي عن معنى نسبّحك سبحانك تسبيحا، وقال الكسائي: هو منصوب لأنه لم يوصف قال: ويكون منصوبا على أنه نداء مضاف. {لا عِلْمَ لَنا} مثل «لا ريب فيه» ويجوز {لا عِلْمَ لَنا} يجعل «لا» بمعنى ليس المعنى ليس. {إِلَّا ما عَلَّمْتَنا} «ما» في موضع رفع كما تقول «لا إلاه إلّا الله» وخبر التبرية كخبر الابتداء، ويجوز النصب إذا تمّ الكلام على أصل الاستثناء. {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} «أنت» في موضع نصب توكيدا للكاف. وإن شئت كانت رفعا بالابتداء، والعليم: خبره، والجملة خبر إنّ، وإن شئت كانت فاصلة لا موضع لها، والكوفيون يقولون عماد الألف واللام في موضع رفع. {الْحَكِيمُ} من نعت العليم.

  {قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٣٣}

  {قالَ يا آدَمُ} نداء مفرد. {أَنْبِئْهُمْ}⁣(⁣٥): حذفت الضمة من الهمزة لأنه أمر وإن خفّفت الهمزة قلت: أنبيهم كما قلت: ذيب وبير وإن أبدلت منها قلت: أنبهم كما قال زهير: [الطويل]


(١) انظر تيسير القراءات للداني ص ٦٢.

(٢) البيت للأعشى في ديوانه ص ٦١، وشرح المفصّل ٣/ ١٣٧، والمقتضب ٤/ ٢٧٨.

(٣) انظر الكتاب ٣/ ٧٨، والبحر المحيط ١/ ٢٩٦.

(٤) انظر الكتاب ١/ ٤١٣.

(٥) انظر البحر المحيط ١/ ٢٩٨.