إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(2) شرح إعراب سورة البقرة

صفحة 45 - الجزء 1

  ١٦ - جريء متى يظلم يعاقب بظلمه ... سريعا وإن لا يبد بالظّلم يظلم⁣(⁣١)

  {بِأَسْمائِهِمْ} خفض بالباء. {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ} وإن خففت جعلتها بين الهمزة والألف، وإن أبدلت قلت «أنباهم» بألف خالصة. {قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} الأصل: أقول ألقيت حركة الواو على القاف فانضمّت القاف وحذفت الواو لسكونها وسكون اللام وأسكنت اللام للجزم. {إِنِّي} كسرت الألف لأن ما بعد القول مبتدأ، وزعم سيبويه⁣(⁣٢) أن من العرب من يجري القول مجرى الظن وهي حكاية أبي الخطاب فعلى هذا «أني أعلم». قال الكسائي: رأيت العرب إذا لقيت الياء همزة، استحبوا الفتح فيقولون: «إنّي أعلم» ويجوز اعلم لأنه من علم. {غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} نصب بأعلم وكذا {ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} عطف عليه.

  {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ ٣٤}

  {وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ} خفض باللّام الزائدة. {اسْجُدُوا} أمر فلذلك حذفت منه النون وضممت الهمزة إذا ابتدأتها لأنه من يسجد. وروي عن أبي جعفر أنه قرأ للملائكة اسجدوا⁣(⁣٣) وهذا لحن لا يجوز، وأحسن ما قيل فيه ما روي عن محمد بن يزيد قال: أحسب أنّ أبا جعفر كان يخفض ثمّ يشمّ الضّمّة ليدلّ على أنّ الابتداء بالضم كما يقرأ {وَغِيضَ الْماءُ}⁣[هود: ٤٤] فيشير إلى الضّمة ليدلّ على أنه لما لم يسمّ فاعله {لِآدَمَ} في موضع خفض باللام إلّا أنه لا ينصرف، {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} نصب على الاستثناء لا يجوز غيره عند البصريين لأنه موجب، وأجاز الكوفيون⁣(⁣٤) الرفع. و «إبليس» اسم أعجمي فلذلك لم ينوّن، وزعم أبو عبيدة⁣(⁣٥) أنّه عربي مشتقّ من أبلس إلّا أنه لم ينصرف لأنه لا نظير له. {أَبى وَاسْتَكْبَرَ} أبى يأبى إباء، وهذا حرف نادر جاء على فعل يفعل ليس فيه حرف من حروف الحلق. قال أبو إسحاق: سمعت إسماعيل بن إسحاق⁣(⁣٦) يقول: القول فيه عندي أن الألف مضارعة لحروف الحلق. قال أبو جعفر:


(١) الشاهد في ديوانه ص ٢٤، وخزانة الأدب ٣/ ١٧، و ٧/ ١٣، والدرر ١/ ١٦٥، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٧٣٩، وشرح شواهد الشافية ص ١٠، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٨٥، والممتع في التصريف ١/ ٣٨١، وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب ١/ ٢٦، والمقرب ١/ ٥٠، وهمع الهوامع ١/ ٥٢.

(٢) انظر الكتاب ١/ ١٧٨.

(٣) انظر مختصر ابن خالويه ٣، والمحتسب ١/ ٧١.

(٤) انظر الإنصاف مسألة ٣٥، والبحر المحيط ١/ ٣٠٣.

(٥) انظر اللسان (بلس)، وتفسير الطبري ١/ ٢٢٧.

(٦) إسماعيل بن إسحاق القاضي البصري الفقيه المالكي، صاحب قالون، صنّف في القراءات والحديث، وكان عالما في العربية (ت ٢٨٢ هـ). انظر: النشر لابن الجزري ١/ ٣٤، وشذرات الذهب لابن العماد ٢/ ١٧٧.