إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(12) شرح إعراب سورة يوسف #

صفحة 201 - الجزء 2

  العتاد، وهو كل شيء جعلته عدّة لشيء. {مُتَّكَأً} أصحّ ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: مجلسا، وأما قول الجماعة من أهل التفسير إنه الطعام، فيجوز على تقدير طعام متّكئا، مثل «واسئل القرية»، ودلّ على هذا الحذف، {وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً} لأن حضور النساء ومعهنّ السكاكين إنّما هو الطعام يقطع بالسكاكين. والأصل في متّكأ موتكأ، ومثله متّزن ومتّعد من وزنت ووعدت ووكأت، ويقال: تكئ يتكأ تكأة. {وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً} مفعولان وحكى الكسائي والفراء أن السكين يذكّر ويؤنّث، وأنشد الفراء: [الوافر]

  ٢٣٣ - فعيّث في السّنام غداة قرّ ... بسكّين موثّقة النّصاب⁣(⁣١)

  والأصمعي لا يعرف في السكين إلّا التذكير. {وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَ} بضم التاء لالتقاء الساكنين لأن الكسرة تثقل إذا كانت بعدها ضمة وكسر التاء على الأصل {وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ} أي معاذ الله، وروى الأصمعي عن نافع أنه قرأ كما قرأ أبو عمرو بن العلاء وقلن حاشا لله⁣(⁣٢) بإثبات الألف، وهو الأصل، ومن حذفها جعل اللام التي بعدها عوضا منها، وفيها لغات أربع: «حاشاك» و «حاشا لك» و «حاش لك» و «حشا لك»، ويقال: حشا زيد وحاشا زيدا. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمّد بن يزيد يقول: النصب أولى لأنه قد صحّ أنها فعل بقولهم: حاش لزيد والحرف لا يحذف منه، وقد قال النابغة: [البسيط]

  ٢٣٤ - وما أحاشي من الأقوام من أحد⁣(⁣٣)

  {ما هذا بَشَراً} شبّهت (ما) بليس عند الخليل وسيبويه إذا كان الكلام مرتّبا. قال سيبويه: وربّ حرف هكذا أي يشبّهه بغيره في بعض المواضع، ثم ذكر سيبويه «تالله» و «لدن غدوة» ثم قال الكوفيون⁣(⁣٤): لما حذفت الباء نصبت وشرح هذا على ما قاله أحمد بن يحيى أنك إذا قلت: ما زيد بمنطلق، فموضع الباء موضع نصب، وهكذا سائر حروف الخفض. قال: فلما حذفت الباء نصبت لتدلّ على محلها. قال: وهذا قول الفراء⁣(⁣٥) وما تعمل «ما» شيئا، فألزمهم البصريون أن يقولوا: زيد القمر، لأن المعنى كالقمر، فرد هذا أحمد بن يحيى بأن قال: الباء


(١) الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (عيث) و (سكن)، والمذكر والمؤنث للأنباري ص ٣١٤، والمذكر والمؤنث للفراء ص ٩٦، والمخصّص ١٧/ ١٦، وتاج العروس (عيث) و (سكن).

(٢) انظر تيسير الداني ١٠٥، والبحر المحيط ٥/ ٣٠٣.

(٣) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٢٠، وأسرار العربية ٢٠٨، والإنصاف ١/ ٢٧٨، والجنى الداني ص ٥٩٩، وخزانة الأدب ٣/ ٤٠٣، والدرر ٣/ ١٨١، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٦٨، وشرح المفصّل ٢/ ٨٥، ولسان العرب (حشا)، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٤٢٧، وشرح الأشموني ١/ ٣٤٠، وشرح المفصّل ٨/ ٤٩، ومغني اللبيب ١/ ١٢١، وهمع الهوامع ١/ ٢٣٣.

(٤) انظر الإنصاف مسألة (١٩).

(٥) انظر معاني الفراء ٢/ ٤٢.