(12) شرح إعراب سورة يوسف #
  أدخل في حروف الخفض من الكاف لأن الكاف تكون اسما. قال أبو جعفر: لا يصح إلا قول البصريين. وهذا القول يتناقض لأن الفراء أجاز نصا ما بمنطلق زيد، وأنشد: [الوافر]
  ٢٣٥ - أما والله أن لو كنت حرّا ... وما بالحرّ أنت ولا العتيق(١)
  ومنع نصا النصب، ولا نعلم بين النحويين اختلافا أنه جائز: ما فيك براغب زيد، وما إليك بقاصد عمرو ثم يحذفون الباء ويرفعون، وحكى البصريون والكوفيون: ما زيد منطلق بالرفع، وحكى البصريون أنها لغة بني تميم وأنشدوا: [الوافر]
  ٢٣٦ - أتيما تجعلون إليّ ندّا ... وما تيم لذي حسب نديد(٢)
  وحكى الكسائي أنها لغة تهامة ونجد: وزعم الفراء أن الرفع أقوى الوجهين. قال أبو إسحاق: هذا غلط كتاب الله جلّ وعزّ، ولغة رسوله ﷺ أقوى وأولى. {إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} لفضل الملائكة على البشر.
  {قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ٣٣}
  {قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ} ابتداء وخبر، والتقدير نزول السجن أحبّ إليّ أي أسهل عليّ، وحكى أبو حاتم أن عثمان بن عفان ¥ قرأ السجن(٣) بفتح السين، وحكى أن ذلك قراءة ابن أبي إسحاق وعبد الرحمن الأعرج ويعقوب وهو مصدر سجنه سجنا {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَ} شرط ومجازاة أي إن لم تلطف لي في اجتناب المعصية وقعت فيها.
  {فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٤}
  {فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ} أي فلطف له في ذلك. {فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ} قيل: لأنهنّ جمع قد راودنه عن نفسه، وقيل: يعني كيد النساء.
  {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ٣٥}
  {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} فيه ثلاثة أقوال: فمذهب سيبويه(٤) أن
(١) الشاهد بلا نسبة في الإنصاف ١/ ١٢١، وخزانة الأدب ٤/ ١٤١، والجنى الداني ٢٢٢، وجواهر الأدب ١٩٧، والدرر ٤/ ٩٦، ورصف المباني ١١٦، وشرح التصريح ٢/ ٢٣٣، وشرح شواهد المغني ١/ ١١١، ومغني اللبيب ١/ ٣٣، والمقاصد النحوية ٤/ ٤٠٩، والمقرب ١/ ٢٠٥، وهمع الهوامع ٢/ ١٨.
(٢) الشاهد لجرير في ديوانه ص ١٦٤، والخزانة ١/ ٤٤٨.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٤٤، والبحر المحيط ٥/ ٣٠٦.
(٤) انظر الكتاب ٤/ ١٢٥.