إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(16) شرح إعراب سورة النحل

صفحة 260 - الجزء 2

  {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ٩٨ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٩٩}

  {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} مجازه {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ} فجاء على تذكير السلطان، وكثير من العرب يؤنّثه فتقول: قضت به عليك السلطان، فأعلم الله جلّ وعزّ أن الشيطان ليس له سلطان على المؤمنين، وأعلم جلّ وعزّ في موضع آخر أنّه ليس له سلطان على واحد.

  فأما المعنى {إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} أي إنه إذا وسوس إليهم قبلوا منه.

  {وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ١٠١}

  {وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ} وهو الناسخ والمنسوخ لما يعلم الله جلّ وعزّ في ذلك من الصلاح تلبّسوا به فقالوا {إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ} وهو ابتداء وخبر، وكذا {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.

  {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ١٠٣}

  وقرأ الحسن {إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ}⁣(⁣١) «بشر» بغير تنوين و «اللسان» بالألف واللام، واللسان مرفوع «بشر» مرفوع بفعله و «اللسان» مبتدأ وخبره «أعجميّ» وحذف التنوين من «بشر» لالتقاء الساكنين، وأنشد سيبويه: [المتقارب]

  ٢٦٤ - ولا ذاكر الله إلّا قليلا⁣(⁣٢)

  ومثله قراءة من قرأ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ}⁣[الإخلاص: ٢]، وكذا {وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ}⁣[يس: ٢٠] بنصب النهار. قرأ أقل المدينة وأهل البصرة {يُلْحِدُونَ}⁣(⁣٣) بضم الياء وكسر الحاء، وقرأ الكوفيون يلحدون⁣(⁣٤) بفتح الياء والحاء، واللغة الفصيحة «يلحدون» ومنه يقال: رجل ملحد أي مائل عن الحق، ويبيّن هذا {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ}⁣[الحج: ٢٥] فهذا من ألحد يلحد لا غير، ويقال: لحدت


(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٥١٩، ومختصر ابن خالويه ٧٤.

(٢) مرّ الشاهد رقم (٧٣).

(٣) و (٤) انظر تيسير الداني ١١٣.