(16) شرح إعراب سورة النحل
  القبر أي جعلت فيه لحدا وألحدت الميّت ألزمته اللحد. {وَهذا لِسانٌ} قيل: يعني القرآن، سمّاه لسانا اتّساعا، كما يقال: فلان يتكلّم بلسان العرب أي بلغتها وكذا اللسان الذي يلحدون إليه أي كلامه وعلى هذا تسمّى الرسالة لسانا، كما قال: [الوافر]
  ٢٦٥ - لسان السّوء تهديها إلينا(١)
  {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ١٠٦}
  {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ مَنْ} في موضع رفع على البدل من «الكاذبين». {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} في موضع نصب على الاستثناء. والمعنى - والله أعلم - إلّا من أكره. فله أن يقول ما ظاهره الكذب والكفر ولا يعتقده، ولا يجوز له أن يكذب كذبا صراحا بوجه، وإنما يقول: فلان كذّاب على قولهم أو يعني به غير النبيّ ﷺ ممن هو كاذب لأن الكذب قبيح فلا يجوز أن يأذن الله فيه بحال، والدليل على قبحه أن قائله لا يوثق بخبره {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ} ابتداء وخبر، وهو تبيين ما تقدّم. {مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ} مبتدأ. {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ} في موضع الخبر.
  {ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ١٠٧}
  {اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ} قال الخليل | {لا جَرَمَ} لا تكون إلّا جوابا. قال أبو جعفر: وقد ذكرناه(٢).
  {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ١١٠}
  {مِنْ بَعْدِها} أي من بعد الفتنة.
  {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ١١١}
  {يَوْمَ تَأْتِي} في موضع نصب أي غفور رحيم يوم تأتي كلّ نفس، ويجوز أن يكون بمعنى: واذكر يوم تأتي كلّ نفس.
(١) الشاهد بلا نسبة في جواهر الأدب ١٢٥، والجنى الداني ٩٤، والدرر ١/ ٢٤٠، وشرح شواهد المغني ١/ ٥٠٦، ومغني اللبيب ١/ ١٨٢، وهمع الهوامع ١/ ٧٧، وعجزه:
«وحنت وما حسبتك أن تحينا»
(٢) مرّ في إعراب الآية ٢٢ - هود.