إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(17) شرح إعراب سورة الإسراء

صفحة 266 - الجزء 2

  {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً ٧}

  {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} أي الثواب لكم، وهو شرط وجوابه {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} أي يحصل العقاب لها، ولها بمعنى عليها لا يقوله النحويون الحذّاق، وهو قلب المعنى وليس احتجاجهم بالحديث «اشترطي الولاء لهم»⁣(⁣١) بشيء، وقد اختلف في هذا الحديث فرواه جماعة على هذا اللفظ من حديث مالك بن أنس وهو رواية الشافعي عنه «واشترطي الولاء لهم»، وهذا معنى صحيح بيّن. يقال: اشترط الشيء إذا بيّنه، كما قال: [الطويل]

  ٢٦٦ - فأشرط فيها نفسه وهو معصم⁣(⁣٢)

  وعلى الرواية الأخرى يكون المعنى «واشترطي الولاء لهم» أي من أجلهم، كما تقول: أنا أكرم فلانا لك، وفيه قول آخر يكون بمعنى النهي على التهديد والوعيد: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي وعد المرة الآخرة، وأقيمت الصفة مقام الموصوف، قرأ أهل المدينة وأهل البصرة {لِيَسُوؤُا}⁣(⁣٣) على الجمع، وقرأ أهل الكوفة ليسوء وجوهكم⁣(⁣٤) على التوحيد إلّا الكسائي فإنّه قرأ لنسوء وجوهكم⁣(⁣٥)، وزعم أنها قراءة علي بن أبي طالب ¥، وعن أبيّ بن كعب روايتان: إحداهما أنه قرأ (لنسوءن وجوهكم)⁣(⁣٦) اللام مفتوحة وهي لام قسم بالنون الخفيفة والوقف عليها بالألف فرقا بين الخفيفة والثقيلة، وروي عنه (ليسيء وجوهكم) بياءين وهمزة. قال أبو جعفر: القراءة الأولى على الجمع يدلّ عليها {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا} والقراءة الثانية فيها ثلاثة أقوال: يكون المعنى ليسوء الله جلّ وعزّ وقال الفراء⁣(⁣٧): ليسوء العذاب. قال أبو إسحاق: ليسوء الوعد واللام فيهما لام كي، وكذا القراءة الثالثة وفي الكلام حذف، والمعنى: فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم فهذا الفعل جواب (إذا)، ولام كي متعلّقة به. وفي معنى بعثناهم قولان: أحدهما خلّينا بينكم


(١) أخرجه مالك في الموطّأ - باب ١٠ حديث رقم (١٧).

(٢) الشاهد لأوس بن حجر في ديوانه ٨٧، ولسان العرب (شرط) و (عصم)، وجمهرة اللغة ٧٢٦، وأساس البلاغة (شرط)، وكتاب العين ٦/ ٢٣٦، وتاج العروس (شرط) و (عصم)، وسمط اللآلي ٤٩٢، والفاخر ١٢٣، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ٢٦٠، وعجزه:

«وألقى بأسباب له وتوكّلا»

(٣) و (٤) و (٥) انظر تيسير الداني ١١٣.

(٦) انظر معاني الفراء ٢/ ١١٧، والبحر المحيط ٦/ ١٠.

(٧) انظر معاني الفراء ٢/ ١١٧.