(17) شرح إعراب سورة الإسراء
  ذلك أن ابن نجيح روى عن مجاهد {حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} قال: عيونا، وكذا قال الحسن، وروى سعيد عن قتادة {حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} قال: عيونا ببلدنا هذا. فهذا التفسير يدلّ على تفجّر؛ لأن تفجّر على التكثير.
  {أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً ٩٢}
  وقرأ أهل المدينة وعاصم {أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً}(١).
  وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو (كسفا)(٢) بإسكان السين. قال أبو جعفر: كسف جمع كسفة أي قطعا. وذكر السماء ليدلّ على الجمع. وحجة من قرأ كسفا أنه لمرة واحدة. {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} على الحال.
  {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً ٩٣}
  {أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ} من رقي يرقى رقيّا إذا صعد، ويقال: رقيت الصّبيّ أرقيه رقيا ورقية.
  {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً ٩٤}
  (أن) في موضع نصب والمعنى من أن يؤمنوا {إِلَّا أَنْ قالُوا} في موضع رفع أي إلّا قولهم {أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً} فانقطعت حججهم لمّا ظهرت البراهين وجاءوا بالجهل.
  {قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً ٩٥}
  {قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} على الحال، ويجوز في غير القرآن مطمئنّون نعت للملائكة. ومعنى هذا - والله أعلم - لو كان في الأرض ملائكة يمشون لا يعبدون الله ولا يخافونه. وهذا معنى المطمئنين؛ لأن المتعبّد الخائف لا يكون مطمئنا. {لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً} حتى يعظهم، ويدعوهم إلى ما يجب عليهم.
  {قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ٩٦}
  {قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً} على الحال، ويجوز أن يكون منصوبا على البيان.
(١) و (٢) انظر تيسير الداني ١١٥، والبحر المحيط ٦/ ٧٨.