(17) شرح إعراب سورة الإسراء
  {وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً ٩٧}
  {وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} حذفت الياء من الخط لأنها كانت محذوفة قبل دخول الألف واللام، والألف واللام لا يغيّران شيئا عن حاله إلا أنّ الاختيار إثبات الياء لأن التنوين قد زال. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: لا يجوز مثل هذا إلا بإثبات الياء، والصواب عنده أن لا يقف عليه، وأن يصله بالياء حتّى يكون متابعا للقراء وأهل العربية. {عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا} على الحال.
  {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً ١٠٠}
  {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ} رفع على إضمار فعل، ولا يجوز أن يلي «لو» إلا فعل إمّا يكون مضمرا وإما لأنها تشبه حروف المجازاة. وخبّر الله جل وعز بما يعلم منهم مما غيّب عنهم فقال: لو أنتم تملكون {خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} أي نعمته. والرحمة من الله جلّ وعزّ هي النعمة. {لَأَمْسَكْتُمْ} أي عن النفقة {خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ} وقيل: الإنفاق الفقر، المعنى خشية أن تنفقوا فينقص ما في أيديكم. {وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً} حكى الكسائي: قتر يقتر وأقتر يقتر، وحكى أبو عبيد: قتر وقتور على التكثير، كما يقال: ظلوم للكثير الظلم.
  {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً ١٠١}
  {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ} مفعولان {بَيِّناتٍ} في موضع خفض على النعت لآيات، وقد يكون في موضع نصب على النعت لتسع. وقرأ الكسائي وابن كثير فسل بنى إسرائيل بغير همز يكون على التخفيف، وعلى لغة من قال: سال يسال. والتقدير: قل للشاكّ سل بني إسرائيل. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا ما قيل في التسع الآيات عن النبي ﷺ وعن ابن عباس، وما قاله ابن عباس فيجب أن يكون توقيفا لأنه ليس مما يقال بالرأي، والقولان ليسا بمتناقضين فإنّما الحديث عن النبي ﷺ فيحمل على أنه لآيات جاء بها موسى ﷺ تتلى إلّا أنها تفسير لهذه الآيات. والدليل على هذا قوله جلّ وعزّ: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ}[النمل: ١٢] في تسع آيات إلى فرعون وقومه {مَسْحُوراً} أي مخدوعا {مَثْبُوراً} من الثبور أي الهلاك.
  {قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً ١٠٢}
  {قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لأن فرعون مع توجيهه إلى