إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(18) شرح إعراب سورة الكهف

صفحة 307 - الجزء 2

  على حذف المفعول أي لا يكادون يفقهون أحدا قولا، والأول بغير حذف، وعلى القراءتين يكون المعنى أنهم لا يفقهون ولا يفقهون.

  {قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ٩٤}

  {قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ} بلغتهم أو بإيماء {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ}⁣(⁣١) وقرأ عاصم والأعرج {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ}⁣(⁣٢) بالهمز جعلهما مشتقّين من أجيج النار عند الكسائي، ويكونان عربيّين ولم يصرفا جعلا اسمين لقبيلتين. {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً} قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم، وقرأ سائر الكوفيين خراجا⁣(⁣٣) ومحمد بن يزيد يذهب إلى أن الخرج: المصدر، والخراج: الاسم، وأن معنى استخرجت الخراج أظهرته، ويوم الخروج يوم الظهور {عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} قد ذكرناه⁣(⁣٤).

  {قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ٩٥}

  {قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} مبتدأ وخبره أي الّذي مكّنّي فيه ربّي من الأسباب التي أوتيتها خير من الخراج الذي تجعلونه لي، وقرأ مجاهد وابن كثير قال ما مكّنني⁣(⁣٥) فلم يدغم لأن النون الأولى من الفعل والثانية ليست منه، والإدغام حسن لاجتماع حرفين من جنس واحد {أَجْعَلْ} جزم لأنه جواب الأمر.

  {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ٩٦}

  قال الفراء: {ساوى} وسوّى واحد. قال أبو إسحاق: الصّدفان والصّدفان ناحيتا الجبل. وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو والكسائي {قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً}⁣(⁣٦) بمعنى أعطوني قطرا أفرغ، وقراءة الكوفيين «ايتوني» بمعنى جيئوني معينين. {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} نصب في هذه القراءة بأفرغ.

  {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ٩٧}

  {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} حكى أبو عبيد أن حمزة كان يدغم التاء في الطاء ويشدد


(١) و (٢) انظر تيسير الداني ١١٨.

(٣) انظر البحر المحيط ٦/ ١٥٤.

(٤) مرّ في إعراب الآية ٩٣ - الكهف.

(٥) انظر البحر المحيط ٦/ ١٥٥، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٠٠.

(٦) انظر البحر المحيط ٦/ ١٥٥.