إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(18) شرح إعراب سورة الكهف

صفحة 308 - الجزء 2

  الطاء. قال أبو جعفر: وهذا الذي حكاه أبو عبيد لا يقدر أحد أن ينطق به؛ لأن السين ساكنة والطاء المدغمة ساكنة قال سيبويه⁣(⁣١) هذا محال، إدغام التاء فيما بعدها، ولا يجوز تحريك السين لأنها مبنية على السكون. وفيه أربع لغات حكاها سيبويه والأصمعي والأخفش يقال: استطاع يستطيع، واسطاع يسطيع فيحذف التاء لأنها من مخرج الطاء، ويقال: استاع يستيع فتحذف الطاء، واللغة الرابعة أسطاع يسطيع بقطع وضم أول الفعل المستقبل، وأصله عند سيبويه⁣(⁣٢) أطاع يطيع فجاؤوا بالسين عوضا من ذهاب حركة العين، وحكى الكسائي: أنت تستطيع بكسر التاء الأولى.

  {قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ٩٨}

  {قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} أي هذا الفعل نعمة من الله ø، والرحمة من الله جلّ وعزّ هي النعمة والإحسان. {فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي} أي الوقت الذي وعد فيه أن يأجوج ومأجوج يخرجون {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} بمعنى بقعة دكّاء وأرضا دكّاء.

  {وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً ٩٩}

  {وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} أي خلّيناهم ولم يمنعهم حتّى ماجوا مع الناس.

  {وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً ١٠٠}

  {وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ} أي أخرجناها.

  {الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ١٠١}

  {الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ} في موضع خفض على النعت للكافرين {فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي} أي هم بمنزلة من عينه مغطّاة فلا ينظر إلى دلائل الله جلّ وعزّ ولا يسمع وعظه. {وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} أي ذلك ثقيل عليهم.

  {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً ١٠٢}

  {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ} أبو إسحاق يقدره بمعنى فحسبوا أن ينفعهم ذلك، وقال غيره: في الكلام حذف، والمعنى: أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ولا أعاقبهم.

  {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ١٠٣}

  {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ} فخالف حمزة في هذا، وقراءة حمزة أصوب وأولى في هذا، وهذا


(١) انظر الكتاب ٤/ ٦٠٤.

(٢) انظر الكتاب ٤/ ٦١٣.