(22) شرح إعراب سورة الحج
  أن يكون يذكر فيها اسم الله عائدا على المساجد لا على غيرها لأن الضمير يليها، ويجوز أن يكون يعود على صوامع وما بعدها. ويكون المعنى: في وقت شرائعهم وإقامتهم الحدود والحقّ.
  {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} قال أبو إسحاق: {الَّذِينَ} في موضع نصب ردا على «من» يعني في «ولينصرنّ الله من ينصره»، وقال غيره: «الذين» في موضع خفض ردّا على قوله {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ}، ويكون {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} لأربعة من أصحاب رسول الله ﷺ، ولم يمكّن في الأرض غيرهم من الذين قيل فيهم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ} وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ¤. وبهذه الآية يحتجّ في إمامة أبي بكر وعمر وغيرها من الآي. قال أبو جعفر: وقد ذكرنا(١) ما في {وَثَمُودُ} من الصّرف وتركه.
  {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} قال الضحاك: أي متروكة، وقرأ الجحدري {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ}(٢) وإن المعنى واحد، وفي هذا أعظم الموعظة. وعظهم الله جلّ وعزّ بقوم قد أهلكوا وبقيت آثارهم يعرفونها. قال الأصمعي: سألت نافع بن أبي نعيم أتهمز البئر والذئب فقال: إذا كانت العرب تهمزها فأهمزها، وأكثر الروايات عن نافع بهمزهما إلّا ورشا فإنّ روايته عنه بغير همز فيهما، والأصل الهمز. قال أحمد بن يحيى: الذئب مشتقّ من تذاءبت الريح، إذا جاءت من وجوه كثيرة، وكذلك الذئب. قال أبو جعفر: فإذا حذفت الهمزة، وهي ساكنة لم يكن بعد السكون إلّا قلبها إلى ما أشبه ما قبلها. والفراء يذهب إلى أن «وبئر» معطوفة على عروضها، وأبو إسحاق يذهب إلى أنها معطوفة من «قرية» أي ومن بئر، ثم قال: «أخذتها وإلى المصير». قال أبو إسحاق: أي بالعذاب، ثم حذف؛ لأن قبله ما يدلّ عليه {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ}.
  هذه آية مشكلة من جهتين: إحداهما أن قوما يرون أن الأنبياء فيهم مرسلون وغير
(١) مرّ في إعراب الآية ٧٣ من سورة الأعراف.
(٢) وهذه قراءة الحسن وجماعة أيضا، مخفّفة، انظر البحر المحيط ٦/ ٣٤٨، ومختصر ابن خالويه ٩٦.