إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(25) شرح إعراب سورة الفرقان

صفحة 107 - الجزء 3

  قال أبو إسحاق: {ثُبُوراً} نصبه على المصدر أي ثبرنا ثبورا، وقال غيره: هو مفعول به أي دعوا الثبور، كما يقال: يا عجباه أي هذا من أوقاتك فاحضر، وهذا أبلغ من تعجّبت.

  أي بلاؤكم أعظم من أن تدعوا الثبور مرة واحدة ولكن يدعونه مرارا كثيرة، ولم يجمع الثبور لأنه مصدر.

  كما حكى سيبويه⁣(⁣١) عن العرب: الشّقاء أحبّ إليك أم السعادة؟ وقد علم أن السعادة أحبّ إليه، وقيل: هذا للتنبيه، وقيل: المعنى: أذلك خير على غير تأويل من، كما يقال: عنده خير. وهذا قول حسن، كما قال: [الوافر]

  ٣٠٩ - فشرّكما لخيركما الفداء⁣(⁣٢)

  وفي الآية قول ثالث وهو أن الكوفيين يجيزون: العسل أحلى من الخل، وهذا قول مردود؛ لأنّ معنى: فلان خير من فلان، أنّه أكثر خيرا منه، ولا حلاوة في الخلّ ولا يجوز أن تقول: النصرانيّ خير من اليهوديّ؛ لأنه لا خير فيهما فيكون أحدهما أزيد في الخير من الآخر، ولكن يقال: اليهوديّ شرّ من النصرانيّ، فعلى هذا كلام العرب.

  وقرأ الحسن وأبو جعفر أن نتّخذ⁣(⁣٣) بضم النون. وقد تكلم في هذه القراءة النحويون، وأجمعوا على أن فتح النون أولى، فقال أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر لا يجوز (نتّخذ) قال أبو عمرو: لو كانت «نتّخذ» لحذفت (من) الثانية، فقلت: أن نتّخذ من دونك أولياء، ومثل أبي عمرو على جلالته ومحلّه يستحسن منه هذا القول: لأنه جاء بعلّة بيّنة. وشرح ما قال إنه يقال: ما اتّخذت رجلا وليّا، فيجوز أن يقع هذا لواحد


(١) انظر الكتاب ٣/ ١٩٣.

(٢) الشاهد لحسان بن ثابت في ديوانه ٧٦، وخزانة الأدب ٩/ ٢٣٢، وشرح الأشموني ٣/ ٣٨٨، ولسان العرب (ندد) و (عرش)، وتفسير الطبري ١/ ١٦٣.

(٣) انظر البحر المحيط ٦/ ٤٤٨، ومعاني الفراء ٢/ ٢٦٤.