(25) شرح إعراب سورة الفرقان
  ليس عام بأكثر مطرا من عام، ولكنّ الله يصرفه حيث يشاء. {فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً} لا يعلم بين أهل التفسير اختلافا أنّ الكفر هاهنا قولهم: «مطرنا بنوء كذا وكذا»(١) وأن نظيره قول المنجّم: فعل النجم كذا وكذا، وأنّ كلّ من نسب إليها فعلا فهو كافر.
  {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} للعلماء في هذا ثلاثة أقوال: فمن أجلها ما روي عن ابن عباس، قال: النسب سبع {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ}[النساء: ٢٣] والصّهر السبع {وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] إلى آخر الآية. وشرح هذا أنّ السبع الأول من النسب فتقديره في العربية: فجعله ذا نسب وذا صهر. والسبع الذين من الصهر أي ممن يقع فيهم الصهر لو لا ما حدث، وقال الضحاك: النسب الأقرباء، والصهر ذوات الرضاع، والقول الثالث: أنّ النسب الذكر من الأولاد، والصهر الإناث من الأولاد؛ لأنّ المصاهرة من جهتين تكون.
  {وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً} روي عن ابن عباس الكافر هاهنا أبو جهل وشيعته لأنه يستظهر بعبدة الأوثان على أولياء ربه. وقال عكرمة: الكافر إبليس ظهير على عداوة ربه، وقال مطر: الكافر هاهنا الشيطان.
  {مِنْ} في موضع ونصب استثناء ليس من الأول. والتقدير: لكن من شاء أن ينفق ابتغاء مرضاة الله ليتّخذ إلى ثواب ربّه طريقا فليفعل.
  {ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ} في رفعه ثلاثة أوجه يكون بدلا من المضمر الذي في استوى، ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى هو الرحمن، ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء وخبره {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً}. ويجوز الخفض بمعنى وتوكّل على الحيّ الذي لا يموت الرّحمن، يكون نعتا، ويجوز النصب على المدح.
(١) يشير إلى الحديث: «أصبح الناس بين مؤمن وكافر فمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب»، أخرجه مالك في الموطأ باب ٣، الحديث رقم (٦).