إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(33) شرح إعراب سورة الأحزاب

صفحة 212 - الجزء 3

  ثم أدغم. {وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً} نعت لمصدر أو لظرف.

  {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ}⁣(⁣١) {حَسَنَةٌ} أي في خروجه إلى الخندق وصبره، وقرأ عاصم {أُسْوَةٌ} بضم الهمزة. والكسر أكثر في كلام العرب والجمع فيهما جميعا واحد عند الفراء، والعلّة عنده في الضمّ على لغة من كسر في الواحد الفرق من ذوات الواو وذوات الياء فيقولون: كسوة وكسى، ولحية ولحي. {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} لا يجوز عند النحويين الحذّاق أن يكتب «يرجو» إلّا بغير ألف إذا كان لواحد؛ لأن العلّة التي في الجمع ليست في الواحد. {وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً} أي ذكرا كثيرا.

  {وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ} ومن العرب من يقول: راء على القلب. {قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ} إن جعلت «ما» بمعنى الذي فالهاء محذوفة، وإن جعلتها⁣(⁣٢) مصدرا لم يحتج إلى عائد. {وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً} قال الفراء: وما زادهم النظر إلى الأحزاب. قال أبو جعفر: وسمعت علي بن سليمان يقول: رأى يدلّ على الرؤية، وتأنيث الرؤية غير حقيقي. والمعنى: وما زادهم الرؤية، مثل من كذب كان شرّا له.

  {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ} رفع بالابتداء، وصلح الابتداء بالنكرة لأن «صدقوا» في موضع النعت. قال أبو إسحاق: «ما» في موضع نصب. قال أبو جعفر: يقال: صدقت العهد أي وفيت به. {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} «من» في موضع رفع بالابتداء، وقد ذكرنا معناه.

  {وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا} قال محمد بن عمرو عن أبيه عن جدّه عن


(١) انظر تيسير الداني ١٤٥.

(٢) انظر تفسير الطبري ٢١/ ١٤٩.