إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(36) شرح إعراب سورة يس

صفحة 272 - الجزء 3

  {وَأَنِ اعْبُدُونِي} من كسر النون فعلى الأصل، من ضم كره كسرة بعدها ضمة.

  {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا} هذه قراءة أهل المدينة والعاصمين، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى وعبد الله بن عبيد بن عمير والنضر بن أنس {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا}⁣(⁣١) بضم الجيم والباء وتشديد اللام، قرأ ابن كثير والكوفيون إلا عاصما {جِبِلًّا}⁣(⁣٢) بضم الجيم والباء وتخفيف اللام، وقرأ أبو عمرو {جِبِلًّا}⁣(⁣٣) بضم الجيم وإسكان الباء وتخفيف اللام وقرأ أبو يحيى والأشهب العقيلي {جِبِلًّا} بكسر الجيم وإسكان الباء وتخفيف اللام. قال أبو جعفر: فهذه خمس قراءات أبينها القراءة الأولى الدليل على ذلك أنهم قد أجمعوا على أن قرءوا {وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ}⁣[الشعراء: ١٨٤] ويكون جبل جمع جبلّة. والاشتقاق فيه كلّه واحد، وإنما هو من: جبل الله الخلق أي خلقهم وقد ذكرت قراءة سادسة وهي {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً}⁣(⁣٤) بالياء. {أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} أي قد كنتم تعقلون، وهذا على جهة التوبيخ، وكذا «ألم أعهد» أي قد عهدت.

  {وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ} أي لو شئنا لأعميناهم في الدنيا عقوبة على عصيان الله جلّ وعزّ، ولكنا أخّرنا عقوبتهم إلى يوم القيامة. {فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ} أي فبادروا الطريق إلى منازلهم في أول ما يعمون ليلحقوا بأهليهم.

  {وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ} أي لو نشاء لمسخناهم في الموضع الذي اجترءوا فيه على معصية الله ø. {فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا} أي فلم يستطيعوا أن يهربوا. {وَلا يَرْجِعُونَ} إلى أهليهم، وحكى الكسائي: طمس يطمس ويطمس. {وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ} على مكانتهم يقال: مكان ومكانة ودار ودارة. وحكى ابن الأعرابي أنّ العرب تقول: في جمع مكان أمكنة ومكنات وأنّ منه حديث النبيّ : «أقرّوا الطير على مكناتها»⁣(⁣٥). قال أبو جعفر: مكنات جمع مكنة، ومكنة ومكان بمعنى واحد. وقد تكلّم الناس في معنى هذا الحديث فقال: بعض الناس لا تنفروها بالليل ولا تصطادوها إلّا أن الشافعي | فسّره لسفيان بن عيينة على غير هذا، قال: كانت العرب تزجر


(١) انظر البحر المحيط ٧/ ٣٢٨، وتيسير الداني ١٥٠.

(٢) انظر البحر المحيط ٧/ ٣٢٨، وتيسير الداني ١٥٠.

(٣) انظر البحر المحيط ٧/ ٣٢٨، وتيسير الداني ١٥٠.

(٤) انظر البحر المحيط ٧/ ٣٢٨، وقال هي قراءة علي بن أبي طالب وبعض الخراسانيين.

(٥) انظر اللسان (مكن).