(37) شرح إعراب سورة الصافات
  {فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ} فخاطبها كما يخاطب من يعقل، لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة في عبادتهم إياها، وكذا «قال ألا تأكلون» متعجبا منها، وكذا {ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ} وكذا {فَراغَ عَلَيْهِمْ} ولم يقل: عليها ولا عليهنّ {ضَرْباً} مصدر، وقرأ مجاهد ويحيى بن وثاب والأعمش {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}(١) بضم الياء وزعم أبو حاتم أنه لا يعرف هذه اللغة وقد عرفها جماعة من العلماء منهم الفراء وشبّهها بقولهم: أطردت الرجل، أي صيّرته إلى ذلك وطردته نحّيته. وأنشد هو وغيره: [الطويل]
  ٣٧١ - تمنّى حصين أن يسود جذاعه ... فأضحى حصين قد أذلّ وأقهرا(٢)
  أي صيّر إلى ذلك فكذا «يزفّون» يصيرون إلى الزفيف. قال محمد بن يزيد:
  الزفيف: الإسراع، وقال أبو إسحاق: الزفيق: أول عدو النعام. قال أبو حاتم: وزعم الكسائي أنّ قوما قرءوا {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ}(٣) من وزف يزف مثل وزن يزن فهذه حكاية أبي حاتم، وأبو حاتم لم يسمع من الكسائي شيئا. وروى الفراء(٤) وهو صاحب الكسائي عن الكسائي أنه لا يعرف «يزفون» مخفّفة. قال الفراء: وأنا لا أعرفها. قال أبو إسحاق:
  وقد عرفها غيرهما أنه يقال: وزف يزف إذا أسرع، ولا أعلم أحدا قرأ «يزفون».
  ويقال: نحت ينحت وينحت؛ لأنه فيه حرف من حروف الحلق.
  «ما» في موضع نصب أي: وخلق ما تعلمون، ويجوز أن يكون في موضع نصب بيعملون أي: وأيّ شيء تعملون.
  قال عبد الله بن عمرو بن العاص: فلمّا صار في البنيان قال: حسبي الله ونعم الوكيل.
  والأصل إنّني حذفت لاجتماع النونات.
(١) انظر البحر المحيط ٧/ ٣٥١.
(٢) الشاهد للمخبل السعدي في ديوانه ٢٩٤، ولسان العرب (قهر) و (جذع)، وتهذيب اللغة ٥/ ٣٩٥، وتاج العروس (قهر) و (جذع)، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥/ ٣٥، ومجمل اللغة ٤/ ١٢٨، وديوان الأدب ٢/ ٢٩٩، والمخصّص ٣/ ١٣٠.
(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٩.
(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٩.