(42) شرح إعراب سورة حم عسق (الشورى)
  فيه: أتركبون، لم ينتقض المعنى صار بمنزلة «ولا سابق شيئا»(١) وأما يونس فقال: أرفعه على الابتداء كأنه قال: أو أنتم نازلون، وعلى هذا الوجه فسر الرفع في الآية كأنه قال: أو هو يرسل رسولا، كما قال طرفة: [الطويل]
  ٤٠٧ - أو أنا مفتدى(٢)
  وقول يونس أسهل.
  {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٢}
  {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا} الكاف في موضع نصب أي: أوحينا إليك وحيا كذلك الذي قصصنا عليك {ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ} «ما» في موضع رفع بالابتداء و «الكتاب» خبره والجملة في موضع نصب بتدري. ويجوز في الكلام أن تنصب الكتاب وتجعل «ما» زائدة كما روي: هذا «باب علم ما الكلم من العربية»(٣) فنصب «الكلم» {وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً} ولم يقل: جعلناهما فيكون الضمير للكتاب أو للتنزيل أو الإيمان. وأولاهما أن يكون للكتاب ويعطف الإيمان عليه ويكون بغير حذف {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} قال الضحاك: الصراط الطريق والهدى. ويقرأ {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي}(٤) وفي حرف أبيّ {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٥).
  {صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ٥٣}
  {صِراطِ اللهِ} على البدل. قال أبو إسحاق: ويجوز الرفع والنصب. {أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} وهي أبدا إليه تعالى. قال الأخفش: يتولّى الله الأمور يوم القيامة دون خلقه، وقد كان بعضها إلى خلقه في الدنيا من الفقهاء والسلاطين وغيرهم.
(١) يشير إلى قول زهير:
تبيّنت أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيا إذا كان جاثيا
(٢) الشاهد لطرفة بن العبد في ديوانه ٣٦، والكتاب ٣/ ٥٤، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٨:
«ولكن مولاي امرؤ هو خالقي ... على الشكر والتساؤل أو أنا مفتدى»
(٣) انظر الكتاب ١/ ٤٠.
(٤) انظر البحر المحيط ٧/ ٥٠٥، ومختصر ابن خالويه ١٣٤.
(٥) انظر البحر المحيط ٧/ ٥٠٥، ومختصر ابن خالويه ١٣٤.