كتاب المنزلة بين المنزلتين
كتاب المنزلة بين المنزلتين
  قال (أئمتنا $ والجمهور: والمعاصي صغائر وكبائر) فالكبائر: هي التي يستحق فاعلها العقاب الدائم إن لم يَتُبْ. والصغائر: هي التي تكون مكفَّرة في جنب الطاعات أو مطلقاً.
  وقالت (الخوارج والإسفرائيني وموافقوهم: بل) كل المعاصي (كبائر فقط).
  (لنا: قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}) [النساء: ٣١] فَأفَهَمَ قوله تعالى: {كَبَآئِرَ} أن في العصيان صغائر وأكده بقوله: {نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}.
  وقالت (الناصرية وظاهر كلام الهادي # في كتاب «المنزلة بين المنزلتين» حيثُ قال: «وأصحاب الكبائر المنتهكون للمحارم» ولم يفصل) بين محرَّمٍ ومحرَّمٍ، (وصريح قول المرتضى # في كتاب «الإيضاح»، وقول القاسم بن علي العياني # في الجزء الثاني من كتاب «التنبيه والدلائل» و) هو أيضاً قول (بعض البغدادية) فهؤلاء قالوا: (كل عمدٍ كبيرة) والصغيرة عندهم حينئذٍ: ما صدرت عن سهوٍ أو إكراهٍ أو تأويلٍ أو نحو ذلك.
  وقال (بعض الزيدية، وبعض البغدادية، والطوسي: بل بعض العمد ليس بكبيرة).
  (لنا:) حجةٌ على قولنا أنَّ كلَّ عمد كبيرة (قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}[الجن: ٢٣] ولم يفصل، وقوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِين}[النساء: ١٤] ولم يفصل) أيضاً بين عصيان وعصيان فاقتضى ذلك العموم في الآيتين أن من عصى الله مخلد في النار، ولم يخص من ذلك العموم إلا الخطأ والنسيان ونحوهما، وهو معنى قوله #: (ولم يغفر الله سبحانه سيئةً من غير توبةٍ إلا الخطأ والنسيان والمضطر إليه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥] وقوله تعالى مُعلماً لعباده مرشداً: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦] واستثنى تعالى الُمضطر إليه) بقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ ...} الآية [المائدة: ٣].