فصل [في أفعال الله جل وعلا]
فصل [في أفعال الله جل وعلا]
  (وأفعال الله تعالى أفعال قدرة لا غير) أي: أن الله يخلق ما يشاء من غير واسطة شيء، فأفعاله تعالى هي مخلوقاته لا فعل له غيرها من حركةٍ أو سكونٍ أو عرَضٍ يخلق بها المخلوقات؛ ولهذا قال #: (وهي نفس المفعول عَرَضاً كان أو جسماً أو فناء) بخلاف أفعال المخلوقين فإنما هي حركة أو سكون.
  وقالت (البصرية، والبرذعي، وابن شبيب: بل يحدث الجسم أو يفنيه بعرض) وسموا عرض الخلق إرادة، وعرض الإعدام فناء، ثم اختلفوا:
  فقالت (البصرية: و) ذلك العَرَض (لا محلَّ له) أي: لا يحل في شيء.
  وقال (ابن شبيب: بل يَحِلُّ) ذلك العرض (في العالم عند فنائه ويذهب).
  وقال (أبو الهذيل: بل) الله يوجد الجسم أو يفنيه (بقوله: كُن) {فَيَكُون ... الآية}.
  (قلنا: يستلزم الحاجة إليه) أي: إلى ذلك العَرَض (لإحداث الأجسام) وإفنائها والله تعالى لا تجوز عليه الحاجة، (وإن سُلِّمَ فلا يُعقل عَرَض لا مَحَلَّ له) وما لا يعقل يجب نفيه.
  (والقول) المذكور في الآية تمثيل (عبارة عن إنشائه تعالى للمخلوق) وإحداثه له في أسرع من طرفة عين، والمراد التنبيه على سرعة قدره الله تعالى ومشيئته في تكوين الكائنات وإيجاد الموجودات، من غير أن يكون هناك قول مقول كما توهمه أبو الهذيل.
  (و) أمَّا (أفعال العباد) فهي (أفعالُ جارحةٍ، وأفعالُ قلبٍ، وهي أعراضٌ فقط).
  قال (الجمهور: والأفعال كلها مبتدأٌ ومتولِّدٌ) سواءٌ كانت من الله أو من المخلوقين(١).
  وقال (أبو علي: لا متولد في أفعال الله تعالى؛ لاستلزامه الحاجة) على الله (إلى السبب) الذي تولد منه الفعل، وتجويز الحاجة على الله محال، وحركة الأشجار ونحوها عنده مبتدأه.
(١) فالمتولد: من أفعال العباد هو الفعل الموجود بالقدرة بواسطةٍ سواء كان مباشراً كالعلم أو غيرَ مباشر كتحريك الغير.